منها المنعىّ لها يقدم (١) ثم يموت وهي حامل من الثاني ؛ فلا بدّ من أقصى الأجلين ، وكذلك لو قدم وهي حامل فطلّقها الأول فلا يبرئها الوضع ، ولتأتنف ثلاث حيض بعده ، وهو أمر بيّن.
المسألة الخامسة ـ أما الطّيب والزينة فقد روى عن الحسن أنه جوّز ذلك لها احتجاجا بما روى أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس حين مات جعفر : أمسكى ثلاثا ، ثم افعلي ما بدا لك. وهذا حديث باطل. روى (٢) الأئمة بأجمعهم عن زينب بنت أبى سلمة عن أمّ سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنّ امرأة جاءت إليه فقالت له : إن ابنتي توفّى عنها زوجها ، وقد اشتكت عينيها أفتكحلهما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : إنما هي أربعة أشهر وعشر. وقد كانت إحداكنّ ترمى بالبعرة على رأس الحول. قالت زينب : وكانت المرأة إذا توفّى عنها زوجها لبست شرّ ثيابها ، ودخلت حفشا (٣) فلم تمسّ طيبا حتى تمرّ بها سنة ، ثم تؤتى بدابّة ، حمار أو شاة أو طير فتفتضّ به ، فقلّ ما تفتضّ بشيء إلّا مات ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمى بها ، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب وغيره.
ولو صحّ حديث أسماء (٤) فقد قال علماؤنا : إنّ التسلّب هو لباس الحزن ، وهو معنى غير الإحداد.
وأما الخروج فعلى ثلاثة أوجه :
الأول ـ خروج انتقال ، ولا سبيل إليه عند عامّة العلماء إلّا ما روى عن ابن عباس وعطاء وسفيان الثورىّ ؛ لاعتقادهم أنّ آية الإخراج لم تنسخ ، وقد تقدّم بيان ذلك.
الثاني ـ خروج العبادة ، كالحجّ والعمرة ، قال ابن عباس وعطاء : يحججن لأداء
__________________
(١) في ا : بعدم ، وهو تحريف.
(٢) ابن ماجة : ٦٧٣
(٣) الحفش : البيت الصغير الذليل القريب السمك.
(٤) وهو أنه قال لأسماء بنت عميس بعد مقتل جعفر : تسلبى ثلاثا ، ثم اصنعي ما شئت. أى البسى ثوب الحداد ، وهو السلاب. وتسلبته المرأة : إذا لبسته. وقيل : هو ثوب أسود تغطى به المحد رأسها. ومنه حديث بنت أم سلمة أنها بكت على حمزة ثلاثة أيام وتسلبت.