عن حقه بولدها ، أو الإضرار بالولد في الاغتيال (١) ونحوه ؛ فإن اختلفوا نظر للصبي ، فإن أوجب النظر أن يسترضع له استرضع ، إذا أعطى المرضع حقّه من أم أو ظئر.
المسألة الرابعة عشرة ـ قال علماؤنا : إذا كانت الحضانة للأمّ في الولد تمادت إلى البلوغ في الغلام وإلى النكاح في الجارية ؛ وذلك حقّ لها ، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعى : إذا عقل ميّز وخيّر بين أبويه ، لما روى النسائي وغيره عن أبى هريرة أنّ امرأة جاءت إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالت له : زوجي يريد أن يذهب بابني ، وقد نفعني وسقاني من بئر أبى عنبة. فجاء زوجها فقال : من يحاقّنى في ابني؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا غلام ؛ هذا أبوك ، وهذه أمك ؛ فخذ بيد أيهما شئت. فأخذ بيد أمه.
وعند أبى داود أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال : استهما عليه. فلما قال زوجها : من يحاقّنى عليه؟ خيّره النبىّ صلى الله عليه وسلم ؛ فاختار أمّه.
وروى أبو داود أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قالت له المرأة : إنّ ابني كان ثديى له سقاء ، وحجري له حواء ؛ وإنّ أباه طلّقنى ، وأراد أن ينتزعه منى. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أنت أحقّ به ما لم تنكحى.
وقد ثبت أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قضى في ابنة حمزة للخالة من غير تخيير ، والأمّ أحقّ به منها. والمعنى يعضده ؛ فإن الابن قد أنس بها فنقله عنها إضرار به. والله أعلم.
المسألة الخامسة عشرة ـ معضلة ، قال مالك : كلّ أمّ يلزمها رضاع ولدها بما أخبر الله تعالى من حكم الشريعة فيها ، إلا أنّ مالكا ـ دون فقهاء الأمصار ـ استثنى الحسيبة (٢) ، فقال : لا يلزمها إرضاعه ، فأخرجها من الآية ، وخصّها فيها بأصل من أصول الفقه ، وهو العمل بالمصلحة ، وهذا فنّ لم يتفطّن له مالكى.
وقد حققناه (٣) في أصول الفقه. والأصل البديع فيه هو أنّ هذا أمر كان في الجاهلية في ذوى الحسب ، وجاء الإسلام عليه فلم يغيّره ؛ وتمادى ذوو الثروة والأحساب على تفريغ الأمهات للمتعة بدفع الرضعاء إلى المراضع إلى زمانه ، فقال به ، وإلى زماننا ؛ فحقّقناه شرعا.
__________________
(١) الاغتيال : الغيل : أن ترضع المرأة ولدها على حبل.
(٢) في ا : الحسبية.
(٣) في ا : وقد حققنا.