الآية الثانية والسبعون ـ قوله تعالى (١) : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
فيها اثنتا عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ في نسخها قولان :
أحدهما ـ أنها ناسخة لقوله تعالى (٢) : (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) ، وكانت عدّة الوفاة في صدر الإسلام حولا ، كما كانت في الجاهلية ، ثم نسخ الله تعالى ذلك بأربعة أشهر وعشر ؛ قاله الأكثر.
الثاني ـ أنها منسوخة بقوله تعالى (٣) : (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ؛ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) ، تعتدّ حيث شاءت ؛ روى عن ابن عباس وعطاء.
والأصحّ هو القول الأول كما حققناه في القسم الثاني من الناسخ والمنسوخ على وجه نكتته على ما روى الأئمة في الصحيح أنّ ابن الزبير قال لعثمان رضى الله عنه : قوله تعالى(٤) : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها؟ قال : يا ابن أخى ؛ لا أغيّر منه شيئا عن مكانه ، وقد قال الأئمة إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للفريعة بنت مالك بن سنان حين قتل زوجها : امكثى في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله.
فتقرّر من هذا أنّ المتوفّى عنها زوجها كانت بالخيار بين أن تخرج من بيتها وبين أن تبقى بآية الإخراج ، ثم نسخها الله تعالى بالآية التي فيها التربّص ، ثم أكّد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره للفريعة بالمكث في بيتها ؛ فكان ذلك بيانا للسكنى (٥) للمتوفّى عنها زوجها قرآنا وسنة.
المسألة الثانية ـ هذا لفظه لفظ الخبر ، ومعناه أيضا معنى الخبر كما تقدم. المعنى :
__________________
(١) الآية الرابعة والثلاثون بعد المائتين.
(٢) سورة البقرة ، آية ٢٤٠
(٣) في ا : السكنى. وفي ل : فكان ذلك بيان للسكنى.