المسألة العاشرة ـ قوله : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) :
قال ابن القاسم ـ عن مالك : هي منسوخة ، وهذا كلام تشمئزّ منه قلوب الغافلين ، وتحار فيه ألباب الشادين ، والأمر فيه قريب ؛ لأنا نقول : لو ثبتت ما نسخها إلّا ما كان في مرتبتها ، ولكن وجهه أنّ علماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمّون التخصيص نسخا ؛ لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم ومسامحة ، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل ذلك على من بعدهم ؛ وهذا يظهر عند من ارتاض بكلام المتقدمين كثيرا.
وتحقيق القول فيه أنّ قوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدم ؛ فمن الناس من ردّه إلى جميعه من إيجاب النفقة وتحريم الإضرار ، منهم أبو حنيفة من الفقهاء ، ومن السلف قتادة والحسن ، ويسند إلى عمر رضى الله عنه ، فأوجبوا على قرابة المولود الذين يرثونه نفقته إذا عدم أبوه في تفصيل طويل لا معنى له.
وقالت طائفة من العلماء : إن قوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) لا يرجع إلى جميع ما تقدّم كلّه ؛ وإنما يرجع إلى تحريم الإضرار. المعنى : وعلى الوارث من تحريم الإضرار بالأمّ ما على الأب.
وهذا هو الأصل ؛ فمن ادّعى أنه يرجع العطف فيه إلى جميع ما تقدم فعليه الدليل ؛ وهو يدّعى على اللغة العربية ما ليس منها ، ولا يوجد له نظير فيها.
المسألة الحادية عشرة ـ قوله تعالى : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما).
المعنى أنّ الله تعالى لمّا جعل مدّة الرضاع حولين بيّن أنّ فطامها هو الفطام ، وفصالها هو الفصال ، ليس لأحد عنه منزع ، إلا أن يتفق الأبوان على أقل من ذلك العدد من غير مضارّة بالولد ؛ فذلك جائز بهذا البيان.
المسألة الثانية عشرة ـ هذا يدلّ على جواز الاجتهاد في أحكام الشريعة ؛ لأنّ الله تعالى جعل للوالدين التشاور والتراضي في الفطام فيعملان على موجب اجتهادهما فيه ، وتترتّب الأحكام عليه.
المسألة الثالثة عشرة ـ قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ).
هذا عند خيفة الضّيعة على الولد عند الأم والتقصير أو الإضرار بالولد في اشتغال الأمّ