زَوْجاً
غَيْرَهُ ، فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا
أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ).
وفيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله
تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها
فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ).
قال سعيد بن
المسيّب : تحلّ المطلّقة ثلاثا للأول بمجرد العقد من الثاني وإن لم يطأها الثاني ؛
لظاهر قوله تعالى : (فَلا تَحِلُّ لَهُ
مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) ، والنكاح العقد.
قال : وهذا لا
يصحّ من وجهين : أحدهما أن يقال له : بل هو الوطء ، ولفظ النكاح قد ورد بهما في كتاب
الله تعالى جميعا ، فما باله خصّصه هاهنا بالعقد.
فإن قيل : فأنتم
لا تقولون به ؛ لأنه شرط الإنزال وأنتم لا تشترطونه.
إنما شرط ذوق
العسيلة ، وذلك يكون بالتقاء الختانين ، هذا لباب كلام علمائنا.
قال القاضي : ما
مرّ بي في الفقه مسألة أعسر منها ، وذلك أنّ من أصول الفقه أنّ الحكم هل يتعلق
بأوائل الأسماء أم بأواخرها؟ وقد بينا ذلك في أصول الفقه ، وفي بعض ما تقدم.
فإنا قلنا : إنّ
الحكم يتعلق بأوائل الأسماء لزمنا مذهب سعيد بن المسيب. وإن قلنا : إنّ الحكم
يتعلق بأواخر الأسماء لزمنا أن نشترط الإنزال مع مغيب الحشفة في الإحلال ، لأنه
آخر ذوق العسيلة ، ولأجل ذلك لا يجوز له أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ؛ فصارت
المسألة في هذا الحد من الإشكال ، وأصحابنا يهملون ذلك ويمحون القول عليه ، وقد
حققناها في مسائل الخلاف.
المسألة الثانية ـ
قوله تعالى : (حَتَّى تَنْكِحَ
زَوْجاً غَيْرَهُ).
دليل على أنّ
المرأة تزوّج نفسها ؛ لأنه أضاف العقد إليها ، ولنا لو كان سعيد بن المسيّب يرى
هذا مع قوله : إنّ النكاح العقد لجاز له ؛ وأمّا نحن وأنتم الذين نرى أنّ النكاح
هاهنا هو الوطء فلا يصحّ الاستدلال لكم معنا بهذه الآية.
فإن قيل : القرآن
اقتضى تحريمها إلى العقد ، والسنّة لم تبدّل لفظ النكاح ولا نقلته عن العقد إلى
الوطء ، إنما زادت شرطا آخر وهو الوطء.
قلنا : إذا احتمل
اللفظ في القرآن معنيين فأثبتت السنة أنّ المراد أحدهما فلا يقال إنّ