وقائلة خولان فانكح فتاتهم (١)
وهذا لم يصحّحه سيبويه.
والذي قاله صحيح من أنّ الفاء هاهنا ليست بزائدة ، وإنما هي في معنى الجواب للجملة ، كأنه قال : هذه خولان فانكح فتاتهم.
كما تقول : هذا زيد فقم إليه ، ويرجع عندي إلى معنى التسبّب ، فيكون معنيين.
المسألة العاشرة ـ قال علماؤنا : إذا وطئ بنيّة الرجعة جاز ، وكان من الإمساك بالمعروف ؛ لأنه إذا قال : قد راجعتك كان معروفا جائزا ، فالوطء أجوز.
فإن قيل : هي محرّمة بالطلاق ، فكيف يباح له الوطء؟
قلنا : الإباحة تحصل بنيّة الرّجعة ، كما تحصل بقولها.
فإن قيل : فقد قال الله تعالى (٢) : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ؛ والإشهاد يتصوّر على القول ولا يتصوّر على الوطء.
قلنا : يتصوّر الإشهاد على الإقرار بالوطء.
فإن قيل : إنما يشهد على الإقرار بفعله بعد فعله. وظاهر الآية أن الوطء لا يحلّ إلا بعد الإشهاد.
قلنا : ليس في الآية إيقاف الحلّ على الإشهاد ، إنما فيه إلزام الإشهاد ، وذلك يتبيّن عند ذكر الآية إن شاء الله تعالى.
المسألة الحادية عشرة ـ قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً).
قال قوم : يعنى من الصّداق ؛ وعندي أنه من كلّ شيء أعطاها ؛ فإن الصّداق وإن كان نحلة (٣) شرطية فما نحلها بعده مثله ؛ لكونه نحلة عن نيّة ، عام في كل حالة من نكاح
__________________
(١) عجزه :
وأكرومة الحيين خلو كما هيا
وارجع إلى خزانة الأدب ١ : ٤١٠ في هذا الشاهد ، وقال في الخزانة : البيت من أبيات سيبويه التي لم يعرف لها ناظم.
(٢) سورة الطلاق ، آية ٢
(٣) نحل المرأة مهرها نحلة : أعطاها عن طيب نفس من غير مطالبة. وقيل : من غير أن يأخذ عوضا.