أخيه أو أخته ؛ فهذا لغو من قول الشافعى ولا يلتفت إليه.
المسألة الرابعة عشرة ـ قال علماؤنا : إذا كفّر المولى سقط عنه الإيلاء ، وفي ذلك دليل على تقديم الكفّارة على الحنث في المذهب ، وذلك إجماع في مسألة الإيلاء ، ودليل على أبى حنيفة في غير مسألة الإيلاء ؛ إذ لا يرى جواز تقديم الكفّارة على الحنث.
المسألة الخامسة عشرة ـ ثبت في الصحيح أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا ، وصار في مشربة له ، فلما أكمل تسعا وعشرين نزل على أزواجه صبيحة تسع وعشرين ، فقالت له عائشة رضى الله عنها : إنك آليت شهرا. فقال : إنّ الشّهر تسع وعشرون.
أخبرنى محمد بن قاسم العثماني غير مرة : وصلت الفسطاط مرة ، فجئت مجلس الشيخ أبى الفضل الجوهري ، وحضرت كلامه على الناس ، فكان مما قال في أول مجلس جلست إليه : إنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم طلّق وظاهر وآلى ، فلما خرج تبعته حتى بلغت معه إلى منزله في جماعة ، فجلس معنا في الدّهليز ، وعرّفهم أمرى ؛ فإنه رأى إشارة الغربة ولم يعرف الشخص قبل ذلك في الواردين عليه ، فلما انفضّ عنه أكثرهم قال لي : أراك غريبا ، هل لك من كلام؟ قلت : نعم. قال لجلسائه : أفرجوا له عن كلامه. فقاموا وبقيت وحدي معه. فقلت له : حضرت المجلس اليوم متبرّكا بك ، وسمعتك تقول : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت ، وطلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت. وقلت : وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لم يكن ، ولا يصح أن يكون ؛ لأنّ الظهار منكر من القول وزور ؛ وذلك لا يجوز أن يقع من النبي صلى الله عليه وسلم. فضمّنى إلى نفسه وقبّل رأسى ، وقال لي : أنا تائب من ذلك ، جزاك الله عنّى من معلّم خيرا.
ثم انقلبت عنه ، وبكّرت إلى مجلسه في اليوم الثاني ، فألفيته قد سبقني إلى الجامع ، وجلس على المنبر ، فلما دخلت من باب الجامع ورآني نادى بأعلى صوته : مرحبا بمعلمى ؛ افسحوا لمعلمى ، فتطاولت [٩٣] الأعناق إلىّ ، وحدّقت الأبصار نحوي ، وتعرفني : يا أبا بكر (١) ـ يشير إلى عظيم حيائه ، فإنه كان إذا سلّم عليه أحد أو فاجأه خجل لعظيم حيائه ، واحمرّ حتى كأن وجهه طلى بجلّنار ـ قال : وتبادر الناس إلىّ يرفعوننى على الأيدى ويتدافعونى حتى بلغت
__________________
(١) في ا : بأبا بكر ، وهو تحريف.