كانت حائضا : أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتزر في فور (١) حيضتها ثم يباشرها. قالت : وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟ وهذا يقتضى خصوص النبىّ صلى الله عليه وسلم بهذه الحالة. وقد روى عن بدرة مولاة ابن عباس قالت : بعثتني ميمونة بنت الحارث وحفصة بنت عمر إلى امرأة ابن عباس رضى الله عنهم ، وكانت بينهما قرابة من جهة النساء. فوجدت فراشه معتزلا فراشها ، فظننت أن ذلك عن الهجران ، فسألتها فقالت : إذا طمثت اعتزل فراشي ؛ فرجعت فأخبرتها بذلك فردّتنى إلى ابن عباس وقالت : تقول لك أمّك : أرغبت عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم! لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام مع المرأة من نسائه وإنها حائض ، وما بينها وبينه إلّا ثوب ما يجاوز الركبتين.
وهذا إن صحّ عن ابن عباس فإنما كان ذلك على معنى الراحة من مضاجعة المرأة في هذه الحالة.
وأما من قال : ما بين السرّة إلى الركبة فهو الصحيح ، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل عما يحلّ من الحائض. فقال : لتشدّ عليها إزارها ثم شأنه بأعلاها.
وأما من قال : إنه الفرج خاصة فقوله في الصحيح : افعلوا كلّ شيء إلا النكاح. وأيضا فإنه حمل الآية على حماية الذرائع (٢) ، وخصّ الحكم ـ وهو التحريم ـ بموضع العلّة وهو الفرج ؛ ليكون الحكم طبقا للعلّة يتقرّر العلة إذا أوجبته خاصة ، فإذا أثارت العلة نطقا تعلّق الحكم بالنطق وسقط اعتبار العلة ، كما بينا في السعى من قبل ؛ فإنه كان الرمل (٣) فيه لعلة إظهار الجلد للمشركين ؛ ثم زالت ، ولكن شرعه النبي صلى الله عليه وسلم دائبا يثبت بالقول والفعل مستمرا ، ولذلك أمثلة في الفروع وأدلة في الأصول.
وأما من قال : الدبر ، فروى المقصّرون الغافلون عن عائشة رضى الله عنها : إذا حاضت المرأة حرم حجراها ، وهذا باطل ذكرناه لنبيّن حاله.
__________________
(١) أى في وقت كثرتها.
(٢) في ل : الذريعة.
(٣) الرمل ـ محركة : الهرولة.
والطائف بالبيت يرمل رملانا اقتداء بالنبي الله عليه وسلم وبأصحابه ، وذلك بأنهم رملوا ليعلم أهل مكة أن بهم قوة. والرمل في السعى : أن يسرع في المشي (اللسان ـ رمل).