إنّ الّذين يقولون هذا القول يخطئون الفهم ، ولا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم ، أنّ الحسين لم ينهض من تلقاء نفسه ، ولم يخرج إلى العراق رغبة في شيء من أشياء هذه الحياة ، وإنّما خرج بأمر الله ، وقاتل بإرادة الله ، واستشهد بين يدي الله ، فكما أنّ الجندي لا مناص له من البراز والنّزال حين صدرت أوامر رئيسه وقائده ، كذلك الحسين لا ندحة له إلى التّخلص ، والفرار بعد أن أمره الله ... ممّا كان وفعل ، ويؤكد هذه الحقيقة قول الحسين لمن نهاه عن الخروج ، فلقد أتاه فيمن أتاه جابر بن عبد الله الأنصاري ، وقال له : أنت ولد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأحد سبطيه لا أرى إلّا أن تصالح كما صالح أخوك ، فأنّه كان موقفا رشيدا.
فقال له الحسين ، يا جابر! قد فعل ذلك أخي بأمر الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وأنا أيضا أفعل بأمر الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله (١).
__________________
ـ وتحامل على الشّيعة والتّشيّع لآل الرّسول قد أدّى كنتيجة طبيعيّة إلى الكذب والإفتراء على الله وآياته ، والنّبيّ وعترته ، والإسلام وحماته.
وثالثا : وهذه «رسالة العقيدة الواسطية» لابن تيميّة الّذي يقدّسه الوهابيون «فصل في سنّة رسول الله» جاء فيه : «ينزل ربّنا إلى سماء الدّنيا كلّ ليلة حين يبقى ثلث اللّيل الآخر فيقول : من يدعوني استجب له؟ من يسألني أعطيه؟ من يستغفرني فاغفر له؟» ثمّ قال ابن تيمية : هذا متفق عليه ... وأيضا جاء فيه : «لا تزال جهنّم يلقى فيها وهي تقول : هل من مزيد؟ حتّى يضع ربّ العزّة فيها رجله فتقول : قطّ قطّ» وقال أيضا : متفق عليه. انظر ، الفصل في الأهواء والملل والنّحل : ١ / ١٦٧. ورابعا : لقد وجد معاوية أبا هريرة ، وسمرة بن جندب يضعان الأحاديث الكاذبة على لسان الرّسول في مدح معاوية ، والطّعن على عليّ ؛ كما وجد ولده يزيد شيخا يقول : أنّ الحسين قتل بسيف جدّه! ... لم توجد هذه الكلمة في تأريخ ابن خلدون الموجود الآن ، وكأنّه ذكرها في النّسخة الّتي رجع عنها كما قال بعض المؤرّخين. انظر ، الضّوء اللّامع : ٤ / ١٤٧ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ١ / ٢٦٥ ح ٢٨١ و : ٥ / ٣١٣ ح ٧١٦٣.
(١) انظر ، الثّاقب في المناقب : ٣٢٢ ح ٢٦٦ ، معالم السّبطين : ١ / ٢١٦.