والزّهور. وهكذا الأنبياء يقدمون بدافع من الله وقيادته ، ويتّحدون أهل القوّة والسّلطان بأمر الله وإرادته ، فينتصرون أو يقتلون ، وهم في الحالين عظماء يمتثلون أمر الله ، وبه يعملون ، فإذا استشهدوا فإنّما يستشهدون ، وهم يبلغون كلمة الله إلى خلقه ، ويمثلون الإنسان في أسمى حالات الإخلاص والتّضحية.
هذا هو منطق أهل الدّين والعقل ، وهذي هي عقيدة أصحاب الإيمان والوجدان ، أمّا الملحدون الّذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر من شباب هذا العصر ، ومثلهم السّذّج المغفلون من قبل ومن بعد ، أمّا هؤلاء فيقولون : لقد جازف الحسين بخروجه إلى العراق ، لأنّ أهله أهل الغدر ، والنّفاق ، وأصحاب أبيه وأخيه ، وإذا خرج ، وخدعته كتبهم ورسلهم فكان عليه أن يستسلم ، بعد أن رأى ما رأى ، من عزمهم وتصميمهم على قتله ، وعجزه عن الذّب والدّفاع عن نفسه وأهله. قالوا هذا ، وهم يعتقدون أنّ الإستشهاد فضيلة ممّن استشهد مع قائد يملك العدّة والعدد. أمّا الحسين في نظرهم فقد خاطر وجازف ، لأنّه استشهد ولا قوّة تدعمه ، وسلطان يناصره (١).
__________________
(١) انظر ، العواصم من القواصم ، تحقّيق : محبّ الدّين الخطيب ـ طبع سنة (١٣٧١ ه) : ٢٣٢. مثل هذه الأكاذيث والمقولات الموضوعة ، أو الّتي لا تفسّر بشكلها الصّحيح هي الّتي شلّت حركة الأمّة ، وجعلتها قابعة تحت سيطرة الحاكم المستبد ، وأطفأت الرّوح الجهاديّة في الأمّة. هذا أوّلا.
وثانيّا : ليست هذه هي المرّة الأولى الّتي نقرأ فيها الزّور ، والبهتان على الشّيعة ، فلقد عودنا بعض الكتّاب المستأجرين من المستعمرين ، والوهابيّين على شحنائهم ، وأسوائهم الّتي استفاده منها أعداء الإسلام والمسلمين ، ولم تضر الشّيعة شيئا ، ولكن الشّيء الجديد هو هذا الكذب الصّراح على الله والرّسول ، وتحريف آي الذّكر الحكيم ، والدّس في سنّة الرّسول العظيم ...
ووليس من شكّ أنّ السّكوت عن الجبهان ، ومحبّ الدّين الخطيب ، وغيرهما ممّن كتب ونشر ، وحمل ـ