إنّه ابن عليّ
لو حدّثك محدّث أنّ رجلا بذلت له الملايين على أن ينطق بكلمة باطل لا يسأله عنها سائل ، ولا يؤاخذ في هذه الحياة ، فأبى وامتنع لا لشيء إلّا لأنّ شفتيه تتنزّه عن التّفوه بالباطل ، أو قال لك أنّ الملك قد أتاه لقمة سائغة بلا معارض ولا منازع على أن يقطع على نفسه وعدا بأن يسير على طريق من مضى من الملوك والحكّام ، فأبى وامتنع لا لشيء إلّا لأنّه لا يريد أن يكون مقلّدا لغيره ، ولا أن يعد ويخلف ؛ فذهب الملك إلى غيره ، فلم يهتّم ولم يكترث ، حتّى كأنّه نواة يلفظها من فمه ، أو حصاة تسقط من يده ، أو أخبرك مخبر أنّ عدوّا قصد هذا الرّجل للقضاء على حياته ، ولمّا برز له وجها لوجه وتمكّن من عدوّه ، وأصبح في قبضة يده ، ورأى هذا العدوّ الموت نصب عينيه ، طلب منه العفو والصّفح ، فعفا وصفح لا لشيء إلّا رغبة في العفو والصّزفح ، وهو يعلم علم اليقين أنّه لو قتله لباء المقتول بالإثم ، وكان للقاتل الفضل والعذر عند الله ، والنّاس.
لو حدّثك بهذا أو بعضا منه إنسان ، أي إنسان ، لقلت : أنّ محدّثك لا يدري ما يقول ، وأنّه يتوهم ويتكلّم ، ذلك لأنّا قد اعتدنا أن نرى النّاس يكذبون ويرائون ، ويمرغون الجباة بتراب الأقدام من أجل الدّرهم والدّينار ، وألفنا أن نقرأ ونسمع العقود والمواثيق في بيانات الحكّام ، وكلّها عكس ما يؤمنون به ويدينون ، وضدّ