والتفسيرات
اللغوية واللفظية ، وكل ما حجب حقيقة القرآن وروحه عن المسلمين ، وكان تفسيرهم
المشترك «المنار» هو خير التفاسير التي قدمت لبداية التفسيرات الحديثة للقرآن : «إن ما يؤاخذ صاحب المنار المفسرين عليه هو إخضاعهم
النصوص القرآنية الواضحة للمصطلحات العلمية والفلسفية والأصولية الحادثة ، دون أن
ينطلقوا من ضوابط صحيحة في التفسير اتفق عليها المحققون من علماء القرآن وفقهاء
الأمة ، في تحديدهم مفاهيم الألفاظ واستنباطهم الأحكام من مدلولات التراكيب ،
وبناء الأفكار الإسلامية على اتجاهات متينة متفقة مع تلكم الضوابط».
لقد رد تفسير
المنار على المفسرين بالرأي وعلى الصوفية وعلى الباطنية وأهل البدع ، ثم قام
بتنقية التفاسير من الإسرائيليات الكثيرة والأخبار الواهية التي أفسدت ، على كثير
من المسلمين ، حقائق الدين وقوانين الحياة ، فكوّنت عندهم عقلية خرافية تصدق كل
خبر دون تمحيص أو تدقيق مما يصطدم أساسا مع الإسلام الذي دعا إلى التفكير والنظر.
على أن الملاحظ على هذا المنهج التفسيري العقلي ، ونتيجة لموقعه بين ضغط الخرافة
من جهة وضغط الفتنة بالعلم من جهة أخرى ، مما جعله يميل إلى جعل مألوف السنن
الكونية هي القاعدة الكلية لسنة الله ، فردّوا الكثير من الخوارق إلى مألوف سنة
الله دون الخارق منها ، وإلى تأويل بعضها بحيث يلائم المعقول ، وإلى الحذر
والاحتراس الشديد من الغيبيات ، وهو ما ذكره سيد قطب في ملاحظاته عليه. إن هذا
المنهج العقلي في التفسير هو الذي قاد لأن ينص ، فيما ينص عليه من ضوابط ، على «المبدأ القائل
كلما ازددنا معرفة بما في الوجود من الأسرار والقوانين ازددنا علما بما في كتاب
الله ، ذلك لأن الكون المنظور أعظم وأدق تفسيرا للكون المقروء ، فلا بد إذن من
الاستفادة من العلوم المتنوعة والثقافات الإنسانية المتعددة الحديثة في تفسير
القرآن في داخل الضوابط الأصولية المعروفة بين علماء الإسلام ، التي تضبط الاتجاه
لحركة تفسير القرآن في كل عصر ، وقد تكون هذه هي النافذة التي بدأ منها دخول
التفسير العلمي إلى القرآن بالمفهوم المعاصر ، خاصة وأنه تاريخيا بدأ فيما يبدو
بعدها بقليل ، وإن كان لم يلتزم في بداياته بالضوابط الأصولية الخاصة بالتفسير
فانحرف إلى ما انحرف إليه».
لا شك أن التطرف
في التفسير العلمي هو الذي جعله ينحرف عن مساره كتفسير ، إضافة إلى عدم تقيده بالضوابط
المعمول بها للتفاسير ، وقد لخص الشيخ خالد العك
__________________