بموسى فأخبره فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فلم يزل يتردّد بين موسى وبين الله عزوجل حتى جعلها خمسا ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحييت من ربي ولكن أرضى وأسلّم ، فلما بعد نادى مناد : قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي» ، ولا شك أن هناك تفاصيل كثيرة في الأحاديث الأخرى لا حاجة لنا لروايتها هنا ، لننتقل إلى التفسيرات.
١ ـ معجزة الإسراء والمعراج وتفسيرها لدى القدامى
أ ـ التفسير العقلي :
لقد تحدّد نقاش الأقدمين من المفسرين والعلماء في معجزة الإسراء والمعراج على نقطتين أساسيتين وما يتفرّع عنهما ، وهما : هل كان الإسراء والمعراج بالروح والجسد ، أم كان بالروح فقط؟ ويخرج من هاتين النقطتين أن الإسراء والمعراج إذا كان بالروح أو بالمنام فلا إشكال فيه ، أما إذا كان يقظة وبالروح والجسد ، فكيف يمكن تفسير السرعة التي استخدمها الرّسول صلىاللهعليهوسلم في انتقاله من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات العلى؟ فالسرعة المعروفة لديهم كانت لا تتجاوز سرعة الحصان والجمل ، وهم يقطعون المسافة بين مكة وبيت المقدس بأربعين يوما ، فكيف يستطيع الرّسول صلىاللهعليهوسلم أن ينتقل بساعات ما يستغرقونه هم بقطعه شهورا أو أياما؟ أما لو عرفوا سعة الكون وحدوده البعيدة التي تقاس الآن بالسنين الضوئية لكان إنكارهم أشدّ ، لاستحالة هذا الانتقال بأي واسطة معروفة. إذن ، كان على الذين يقولون إن الإسراء والمعراج قد تمّ بالروح والجسد ويقظة لا في المنام ، أن يبرهنوا أولا على إمكانية وجود سرعة خارقة في الكون تتجاوز مفهومهم عن السرعة ، ثم يبرهنوا ، بعد ذلك ، على وقوع الإسراء والمعراج حقيقة في جسد النبي وروحه عبر هذه الإمكانية النظرية؟. أما أن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد ، فقد ذكر المفسّرون أنّه كان كذلك بدليل قوله تعالى (أَسْرى بِعَبْدِهِ) ، فمسمى العبد هو للجسد والروح وليس للروح ، كما أنّه لا حاجة لأن يقول الله تعالى في بدء سورة الإسراء (سُبْحانَ الَّذِي) فالتسبيح إنما يكون للأمور العظيمة فقط ، ولو كان بالروح لما كان معجزة للرسول صلىاللهعليهوسلم ، كما استدلّوا على بذلك بقوله (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) [النجم / ١٧] والبصر من آلات الجسد لا الروح ، كذلك أن الحديث النبوي يروي أن الإسراء كان عبر ركوب دابة البراق ، ولو كان بالروح لما احتاج إلى دابة للانتقال ، واستدلوا أيضا على أنه لو كان بالروح ، ومناما ، لما احتاج أحد إلى تكذيبه ، فالأحلام