عليك ، وهو إبليس الموكّل بوسواس من القلوب ، فله فلتشتدَّ(١) عداوتك ، ولا يكوننَّ أصبر على مجاهدته(٢) لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ، فإنّه أضعف منك ركناً(٣) في قوّته ، وأقلّ منك ضرراً في كثرة شرّه ، اِذا أنت اعتصمت بالله فقد هُديتَ إلى صراطٍ مستقيمٍ.
يا هشام! من أكرمه الله بثلاثٍ فقد لطف له : عقلٌ يكفيه مؤونة هواه ، وعلمٌ يكفيه مؤونة جهله ، وغنىً يكفيه مخافة الفقر.
يا هشام! احذر هذه الدنيا واحذر أهلها ، فإنّ الناس فيها على أربعة أصنافٍ : رجلٍ متردٍّ(٤) معانقٍ لهواه ، ومتعلّمٍ مقرىَ(٥) كلّما ازداد علماً ازد كبراً ، يستعلي(٦) بقراءته وعلمه على من هو دونه ، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته ، يحبّ أن يُعظّم ويُوقّر ، وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحقّ يحبّ القيام به ، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرفه فهو محزون مغموم بذلك ، فهو أمثل أهل زمانه ، وأوجههم عقلاً(٧).
____________
على القتال) [سورة الاَنفال ٨ : ٦٥].
(١) في بعض النسخ : فلتشدّ.
(٢) في بحار الاَنوار : مجاهدتك.
(٣) «أضعف منك ركناً» الركن : العزّ والمنعة ، وأيضاً : ما يقوى به ، وأيضاً : الاَمر العظيم ، والمراد : أي لا يكن صبره في المجاهدة أقوى منك ، فإنّك إذا كنـت على الاستقامة في مخالفته يكون مع قوّته أضعف منك ركناً وضرراً.
(٤) «رجل متردٍّ» المتردّي : أي الواقع في المهالك التي يعسر التخلّص منها.
(٥) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : متقرّىَ.
والمتقرّىَ : الناسك المتعبّد أو المتفقّه أي متعلّم القراءة.
(٦) في بعض النسخ وبحار الاَنوار : يستعلن.
ويستعلن بقراءتـه : كأنّـه كان يستعلي ، ويمكن أن يضمّن فيه معناه.
(٧) «أمثل أهل زمانه» الاَمثل : الاَفضل.
«وأوجههم عقلاً» لعلّ المراد أنّ عقلهم أوجه عند الله من عقول غيرهم ، أو هم