بحقّ أقول لكم : لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحاً وباطنه فاسداً ، كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم ، وما يغني عنكم أن تنقّوا جلودكم وقلوبكم دنسة(١).
لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيّب ويمسك النخالة ، كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغلّ في صدوركم(٢).
يا عبيد الدنيا! إنّما مثلكم مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه.
يا بني إسرائيل! زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثواً على الركب ، فإنّ الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الاَرض الميتة بوابل المطر(٣).
يا هشـام! مكتوب فـي الاِنجيـل : «طوبـى للمتراحمين ، أُولـئك هـم المرحومون يوم القيامة ، طوبى للمصلحين بين الناس ، أُولـئك هم المقرّبون يوم القيامة ، طوبى للمطهّرة قلوبهم ، أُولـئك هم المتّقون يوم القيامة ، طوبى للمتواضعين في الدنيا ، أُولـئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة»(٤).
____________
= «ولا بالاَُسد العاتية» الاَُسد : جمع أسد. والعاتية : أي الظالمة الطاغية المتكبّرة.
«كما يفعل» أي الاَُسد أو جميع ما تقدّم.
«فريقاً تخطفون ...» على سبيل اللفّ والنشر ، ولمّا ذكر الافتراس أوّلاً لم يذكر آخراً.
(١) «لا يغني عن الجسد» أي لا ينفعه ، ولا يدفع عنه سوءاً.
(٢) «المنخل» ـ بضمّ الميم والخاء ، وقد تفتح خاؤه ـ : ما ينخل به.
و «النخالة» ما بقي في المنخل من القشر ونحوه.
(٣) «زاحموا العلماء في مجالسهم» أي ضايقوهم وادخلوا في زحامهم.
«جثواً على الرُكب» جثا يجثو ، وجثى يجثي : جلس على ركبتيه ، أو قام على أطراف الاَصابع.
وفي بعض النسخ : حبواً : أي زحفاً على الرُكب ، وحبا يحبو ، وحبى يحبي : إذا مشى على أربع.
«بوابل المطر» الوابل : المطر الشديد الضخم القطر.
(٤) «أُولئك هم المتّقون يوم القيامة» تخصيص كونهم من المتّقين بيوم القيامة ، لاَنّ