بحقّ أقول لكم : إنّ من ليس عليه دَين من الناس أروح وأقل همّـاً ممّن عليه الدَين وإنْ أحسن القضاء ، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح(١) همّـاً ممّن عمل الخطيئة وإنْ أخلص التوبة وأناب ، وإنّ صغار الذنوب ومحقّراتها(٢) من مكائد إبليس ، يحقّرها ويصغّرها في أعينكم فتجتمع وتكثر فتحبط بكم.
بحقّ أقول لكم : إنّ الناس في الحكمة رجلان : فرجل أتقنها بقوله وصدّقها بفعله ، ورجل أتقنها بقوله وضيّعها بسوء فعله ، فشتّان بينهما ، فطوبى للعلماء بالفعل ، وويل للعلماء بالقول.
يا عبيد السوء! اتّخذوا مساجد ربّكم سجوناً لاَجسادكم وجباهكم ، واجعلوا قلوبكم بيوتاً للتقوى ، ولا تجعلوا قلوبكم مأوىً للشهوات ، إنّ أجزعكم عند البلاء لاَشدّكم حبّاً للدنيا ، وإنّ أصبركم على البلاء لاَزهدكم في الدنيا.
يا عبيد السوء! لا تكونوا شبيهاً بالحداء الخاطفة ، ولا بالثعالب الخادعة ، ولا بالذئاب الغادرة ، ولا بالاَُسد العاتية ، كما تفعل بالفرائس(٣) ، كذلك تفعلون بالناس ، فريقاً تخطفون ، وفريقاً تخدعون ، وفريقاً تغدرون بهم(٤)
____________
«يغدو» أي ينزل أوّل النهار ، «ويروح» أي ينزل آخر النهار ، وهو كناية عن الموت فإنّه يأتي في الغداة والرواح.
(١) «أروح» أي أكثر راحة.
(٢) في بعض النسخ : ومحقّرتها.
(٣) في بحار الاَنوار : بالفراس.
(٤) «لا تكونوا شبيهاً بالحداء الخاطفة» الحداء : جمع الحدأة : نوع من الجوارح يخطف الاَشياء بسرعة.