وأعقلهم أرفعهم(١) درجةً في الدنيا والاَخرة(٢)
(يا هشام! ما من عبدٍ إلاّ وملك آخذ بناصيته ، فلا يتواضع إلاّ رفعه الله ولا يتعاظم إلاّ وضعه الله)(٣).
يا هشام! إنّ لله على الناس حجّتين ، حجّة ظاهرةً ، وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل(٤) والاَنبياء والاَئمّة عليهم السلام ، وأمّا الباطنة فالعقول(٥).
يا هشام! إنّ العاقل الذي لا يشغل الحلالُ شكرَه ، ولا يغلب الحرامُ صبرَه(٦).
____________
(١) في الكافي : أحسنهم عقلاً ، وأكملهم عقلاً أرفعهم.
(٢) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٢٣ ح ٥٤ عن التحف والكافي.
«إلاّ ليعقلوا» أي ليعلم العباد علوم الدين أُصولاً وفروعاً عنه تعالى بواسطة الاَنبياء والاَوصياء عليهم السلام ، فالعقل هنا بمعنى العلم ، أو لتصير عقولهم كاملة بحسب الكسب بهداية الله تعالى.
«فأحسنهم استجابة» لقبول الدعوة وانقياد الرسالة.
«أحسنهم معرفة» بالله وآياته وكلماته.
«وأعلمهم بأمر الله» بأحكامه وشرائعه أو بأفعاله سبحانه.
«أحسنهم عقلاً» لاَنّ حسن العقل إنّما يكون بالعلم والعمل ، وقبول العمل إنّما يكون بإصابة السُنّة ، وهي إنّما تكون بالعلم بالسُنّة وهو العلم بأمر الله بالمعنى الاَوّل.
أو أنّ حسن العقل إنّما يكون بتعلّم الحكمة ، وهي العلم بأفعال الله عزّ وجلّ على ما هي عليه ، وهو العلم بأمر الله بالمعنى الثاني.
(٣) ما بين القوسين ليس في الكافي.
(٤) في بحار الاَنوار : فالرسول.
(٥) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم ٢/٢٥ ح ١ عن التحف.
«وأمّا الباطنة فالعقول» لعلّ المراد بها ها هنا هي التي مناط التكليف وبها يميّز بين الحقّ والباطل ، والحسن والقبيح.
(٦) «إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ...» أي أنّ العقلاء لا تمنعهم كثرة نِعَم الله عليهم من شكره تعالى كما لا تزيل صبرهم النوائب والكوارث.