يا هشام! لكلّ شيءٍ دليلٌ(١) ، ودليل العقل(٢) التفكّر ، ودليل التفكّر الصمت ، ولكلّ شيءٍ مطيّة ، ومطيّة العقل التواضع ، وكفى بك جهلاً أن تركب ما نُهيت عنه(٣).
(يا هشام! لو كان في يدك جوزةٌ وقال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزةٌ ، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس : إنّها جوزةٌ ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤة)(٤).
يا هشام! ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن الله ، فأحسنهم استجابةً أحسنهم معرفةً (لله)(٥) ، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلاً ،
____________
= من البصر.
«وسكّانها الصبر» ومع هذه الخصال لا بُدّ من الصبر فإنّ ارتقاء الاِنسان وقربه من ربّه لا يحصل إلاّ بمجاهدات قويّة للنفس.
(١) في الكافي : يا هشام! إنّ لكلّ شيءٍ دليلاً.
(٢) وفي رواية التحف : «العاقل» بدل «العقل» ، وكذا في الموضع الآتي.
(٣) «ودليل العقل» أي التفكّر في الاِنسان يدلّ على عقله ، كما أنّ صمته يدلّ على تفكّره ، أو أنّ التفكّر يوصل العقل إلى مطلوبه ، وما يحصل له من المعارف والكمالات ، وكذا الصمت دليل للتفكّر فإنّ التفكّر به يتمّ ويكمل.
«ومطيّة العقل التواضع» أي التذلّل والانقياد لله تعالى في أوامره ونواهيه ، أو الاَعمّ من التواضع لله تعالى أو للخلق ، فإنّ من لم يتواضع يبقى عقله بلا مطيّة ، فيصير إلى الجهل ، أو لا يبلغ عقله إلى درجات الكمال.
والمطيّة : الدابّة المركوبة التي تمطو في سيرها ـ أي تسرع ـ.
«أن تركب ما نُهيت عنه» لاَنّ اشتغال النفس بالمحسوسات يوجب تقيّدها وتصوّرها بصورها الحسّية وهي حاجبة لها لا محالة عن المعقولات ، والحجاب عن المعقولات عين الجهل.
(٤) «لو كان في يدك جوزة ...» حاصله عدم الاغترار بمدح الناس والافتخار بثنائهم. وما بين القوسين ليس في الكافي.
(٥) ما بين القوسين ليس في الكافي.