وقـال : (وتنسـون أنفسكـم وأنتـم تتلـون الكتـاب أفـلا تعقلـون) (١)] (٢). ثمّ ذمّ الكثرة فقال : (وإن تطع أكثر من في الاَرض يضلّوك عن سبيل الله)(٣).
وقال : (ولكنّ أكثرهم لا يعلمون)(٤) وأكثرهم لا يشعرون(٥).
____________
= حارب بعضهم بعضاً ، بل لقذف الله الرعب في قلوبهم ، ولاَنّ الشجاع يجبن ، والعزيز يذلّ إذا حارب الله ورسوله.
(تحسبهم جميعاً) أي مجتمعين متّفقين غير متفرّقين.
(وقلوبهم شتّى) أي متفرّقة لافتراق عقائدهم واختلاف مقاصدهم.
(ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون) أي ما فيه صلاحهم ، وأنّ تشتّت القلوب يوهن قواهم.
(١) سورة البقرة ٢ : ٤٤.
(وتنسون أنفسكم) صدر الآية (أتامرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم).
والمراد بالكتاب القرآن على تقدير أن يكون الخطاب لطائفة من المسلمين ، فإنّ فيه الوعيد على ترك البرّ والصلاح ومخالفة القول العمل ، مثل قوله تعالى : (يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) [سورة الصفّ ٦١ : ٢] أو التوراة على تقدير أن يكون الخطاب لاَحبار اليهود ، فإنّ الوعيد المذكور موجود في التوراة أيضاً كما قيل.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.
(٣) سورة الاَنعام ٦ : ١١٦.
«ثمّ ذمّ الكثرة» أي الكثير إطلاقاً ، وإنّما ذكر عليه السلام ذلك ردّاً ممّا يتوهّم أكثر الخلق من أنّ كثرة من يذهب إلى مذهب من شواهد حقيّته ، أو لاَنّه عليه السلام لمّا بيّن أنّ العقلاء الكاملين يتّبعون الحقّ فربّما يتوهّم منه أنّه إذا ذهب أكثر الناس إلى مذهب فيكون ذلك المذهب حقّاً لوجود العقلاء فيهم ، ويلزم من ذلك بطلان ما ذهب إليه الاَقلّ كالفرقة الناجية ، فأزال عليه السلام ذلك التوهّم بأنّه لا يلزم من الكثرة وجود العقلاء فيهم ، فإنّ أكثر الناس لا يعقلون.
(عن سبيل الله) أي عن دينه وشرعه في الاَُصول والفروع.
(٤) سورة الاَنعام ٦ : ٣٧.
(٥) اقتباس بالمعنى من آي القرآن الكريم.