يا هشام! قد جعل الله عزّ وجلّ ذلك دليلاً على معرفته بأنّ لهم مدبّراً ، فقال : (وسخّر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون)(١).
وقال : (هو الذي خلقكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ ثمّ من علقة ثمّ يخرجكم طفلاً ثمّ لتبلغوا أشدّكم ثمّ لتكونوا شيوخاً ومنكم من يُتوفّى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمّىً ولعلّكم تعقلون)(٢).
وقال : (إنّ في اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الاَرض بعد موتها وتصريف الرياح والسحاب المسخّر بين السماء والاَرض لآياتٍ لقوم يعقلون)(٣).
____________
= على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته وسائر صفاته.
وقد روي عنه ٩ : «ويلٌ لمن قرأ هذه الآية فمجّ بها» أي : لم يتفكّر بها.
(١) سورة النحل ١٦ : ١٢.
«وسخّر لكم» أي : هيّأها لمنافعكم.
(٢) سورة غافر ٤٠ : ٦٧.
(خلقكم من ترابٍ) إذ خلق أوّل أفراد هذا النوع وآباءَهم منه ، أو لاَنّ الغذاء الذي يتكوّن منه المنيّ يحصل منه ، ويمكن أن يكون المراد التراب الذي يطرحه المَلَك في المني.
(ثمّ يخرجكم طفلاً) أي أطفالاً. ولفظ المفرد لاِرادة الجنس أو على تأويل : يخرج من كلّ واحد منكم ، (ثمّ لتبلغوا) أي يبقيكم لتبلغوا ، وكذا في قوله : (ثمّ لتكونوا شيوخاً).
(أشدّكم) أي : كمال قوّتكم وأوان عقلكم.
(من قبل) أي من الشيخوخة أو بلوغ الاَشدّ.
(أجلاً مسمّىً) أي يفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمّىً هو وقت الموت أو يوم القيامة.
(٣) كذا في جميع نسخ الكافي ، والتصحيف فيها ظاهر.
وهي إمّا أن تكون الآية : ١٦٤ من سورة البقرة (إنّ في خلق السماوات واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله