يا هشام! (بن الحكم)(١) اِنّ الله عزّ وجلّ أكمل للناس الحجج بالعقول ، وأفضى إليهم بالبيان(٢) ، ودلّهم على ربوبيّته بالاَدلاّء(٣) ، فقال (وإلـهكم إلـه واحد لا إلـه إلاّ هو الرحمن الرحيم)(٤).
____________
= أحسن القولين وهو الاَوّل قطعاً.
كذا الحال فيما يستمعون أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أوصى إلى معصوم من أهل بيته بأن يخلفه في أُمّته بعد رحلته ، ثمّ يستمعون أنّه صلى الله عليه وآله وسلم أهمل ذلك وترك الاَُمّة في حيرة وضلالة.
(أُولئك الّذين هداهم الله) من المسلّم به أنّ كلّ عارض لا بُدّ له من موجد ، كما لا بُدّ من قابل ، وهنا دلّت هذه الآية الشريفة أنّ موجد الهداية هو الله تعالى ، ولذلك نسبها إليه.
أمّا القابلون لها فـ (هم أُولوا الاَلباب) أهل العقول المستقيمة المتكاملة.
(١) ليس في الكافي.
(٢) «أكمل للناس الحجج بالعقول» أي أكمل حججه على الناس بما آتاهم من العقول.
وقيل : «الحجج» البراهين.
«أفضى إليهم بالبيان» الباء في «بالبيان» أي بعدما أكمل عقلهم ألقى إليهم بيان ما يلزمهم علمه ومعرفته.
وقيل : أي ببيانه البراهين لهم للرشد والاِرشاد.
في الكافي : «ونصر النبيّين بالبيان» أي ببيان الحقّ وآيات الصدق ، ليكونوا حججاً على عباده ، وهداة لهم إلى طريق الخير والنجاة ، ولو لم يمنحهم ذلك لَما صلحوا لقيادة أُممهم وهدايتها فإنّ الناقص لا يكون مكمّلاً لغيره.
(٣) في الكافي : «ودلّهم على ربوبيّته بالاَدلّة» أي علّمهم طريق معرفته ، وتوحيده بأدلّة حاسمة تشهد على وجوده ، وتدلّ على وحدانيّته.
(٤) سورة البقرة ٢ : ١٦٣.
وقد تضمّنت الآية الشريفة جملة من هذه الاَدلّة والآثار العظيمة التي تعجز جميع العقول عن الاِحاطة بعشر معشارها ، والتي تشهد على كون صانعها حكيماً ، عليماً ، قادراً ، رحيماً بعباده ، لذا فهو المستحقّ للعبادة ، إذ العقل يحكم بديهياً بأنّه الكامل من جميع الجهات ، العاري من جميع النقائض والآفات ، القادر على إيصال جميع الخيرات والمضرّات ، هو أحقّ بالعبوديّة.
وفي الآية دلالة على لزوم النظر في خواصّ مصنوعاته سبحانه ، والاستدلال بها