يصلح لمعادهم ومعاشهم(١) ، وربّما يملي ويكتب الكتاب في أهمّ مسائل علم الكلام والحديث مجسّداً حرصه على هداية الاَُمّة ، يواصل جهاده في مكافحة الاَوضاع الشاذّة ، ويعلن آراءه ضدّ نظام ذلك الحكم الجائر(٢).
ولقد كان عليه السلام صوت إصلاح داوٍ ، وصرخة إرشاد عالية ، يدعو الناس إلى التمسّك بمبادىَ الاِسلام الحنيف ، وهدي القرآن الكريم ، وقد عرف
____________
(١) قال أبو حنيفة : رأيت موسى بن جعفر وهو صغير السنّ في دهليز أبيه ، فقلت : أين يحدث الغريب منكم إذا أراد ذلك؟
فنظر إليّ ثمّ قال : يتوارى خلف الجدار ، ويتوقّى أعين الجار ، ويتجنّب شطوط الاَنهار ، ومساقط الثمار ، وأفنية الدور ، والطرق النافذة ، والمساجد ، ولا يستقبل القبلة ، ولا يستدبرها ، ويرفع ، ويضع بعد ذلك حيث شاء.
قال : فلمّا سمعت هذا القول منه نبل في عيني ، وعظم في قلبي ، فقلت له : جعلت فداك ، ممّن المعصية؟
فنظر إليّ ، ثمّ قال : إجلس حتّى أخبرك ، فجلست فقال : إنّ المعصية لا بُدّ أن تكون من العبد ، أو من ربّه ، أو منهما جميعاً.
فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما يفعله ، وإن كانت منهما فهو شريكه ، والقويّ أَولى بإنصاف عبده الضعيف ، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الاَمر ، وإليه توجّه النهي ، وله حقّ الثواب والعقاب ، ووجبت الجنّة والنار.
فقلت : (ذرّيّة بعضها من بعضٍ) الآية [سورة آل عمران ٣ : ٣٤].
مناقب ابن شهرآشوب ٤/٣١٤ ، أمالي المرتضى ١/١٥١ ، الفصول المختارة ١/٤٣ ، إعلام الورى : ٢٩٧ ، تحف العقول : ٤١١ ، الاحتجاج ٢/٣٨٧ ، روضة الواعظين : ٣٩.
(٢) كان في سنيّ إمامته بقيّة ملك المنصور ، ثمّ ملك المهدي عشرة سنين وشهراً وأيّاماً ، ثمّ ملك الهادي سنة وخمسة عشر يوماً ، ثمّ ملك الرشيد ثلاث وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً.
وبعد مضيّ خمس عشرة سنة من ملك الرشيد استشهد مسموماً في حبس الرشيد على يدي السنديّ بن شاهك يوم الجمعة.
مناقب ابن شهرآشوب ٤/٣٢٣.