السعادة ، ويقيم لهم الحجج الواضحة ، والبراهين اللائحة.
والاَئمّة عليهم السلام من أهل بيت لا تجهل منزلتهم ، ولا تنكر مكانتهم ، وهم أَولى بتبليغ الاَحكام ، وهداية الاَنام إلى سواء السبيل ، مهما كثرت عوامل المعارضة في طريق الوصول إلى الغاية المتوخّاة.
والاِمام الكاظم عليه السلام واحد من هـؤلاء الاَفذاذ ، والثمرة المباركة من تلك الشجرة النبويّة المطهّرة ، إمام الصبر على التقوى والعبادة(١) ، الحائز لقصب السبـق في ميـدان سيـادة الولايـة ، وولايـة السيادة ، لا يلحـق أثره ولا يبلغ شأوه ، فلذلك نرى كثيراً من علماء زمانه يغتنمون فرصة الحضور عنده للنهل من عطائه وتعاليمه ، وحرصهم على الظفر ببعض الوصايا الثمينة والدرر القيّمة التي يبوح بها لينتفعوا بها ، فهم يطلبون الخير لاَنفسهم وللاَُمّة.
ولم يكن هناك منهج معيّن للمسائل التي يسألونه عنها ، بل كان تارة يُسأل عن مختلف العلوم والمسائل المشكلة فيحلّها ، ويبتدىَ تارة فيهدي قلوباً متنكّبة ضلّت طريقها ، وتارة يجتمعون حواليه فيحدّثهم عن آبائه فيما
____________
(١) قال عمّار بن أبان : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عند السنديّ ، فسألته أُخته أن تتولّى حبسه ـ وكانت تتديّن ـ ففعل ، فكانت تلي خدمته ، فحكي لنا أنّها قالت :
كان إذا صلّى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه ، فلم يزل كذلك حتّى يزول الليل ، فإذا زال الليل قام يصلّي حتّى يصلّي الصبح ، ثمّ يذكر قليلاً حتّى تطلع الشمس ، ثمّ يقعد إلى ارتفاع الضحى ، ثمّ يتهيّأ ويستاك ويأكل ، ثمّ يرقد إلى قبل الزوال ، ثمّ يتوضّأ ويصلّي حتّى يصلّي العصر ، ثمّ يذكر في القبلة حتّى يصلّي المغرب ، ثمّ يصلّي ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه.
فكانت أُخت السندي إذا نظرت إليه قالت : خاب قوم تعرّضوا لهذا الرجل.
تاريخ بغداد ١٣/٣١ ، سير أعلام النبلاء ٦/٢٧٣ ، الكامل في التاريخ ٦/١٦٤.