سورة التغابن
مدنية ، عدد آياتها ١٨ آية
١ إلى ٤ ـ (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...) قد مرّ تفسير مثلها وبيان أن تسبيح المكلّف يكون بالقول ، وتسبيح الكائنات الأخرى يكون بالدلالة والاستكانة (لَهُ الْمُلْكُ) لا يشاركه فيه أحد (وَلَهُ الْحَمْدُ) أي الشكر على جميع نعمه (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مر معناه (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ) أي أوجدكم من العدم (فَمِنْكُمْ كافِرٌ) لم يعترف بخالقه كالدهرية (وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) مقرّ بذلك (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) عالم بأعمالكم مطّلع على أحوالكم (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي أنشأهما بإحكام الصنعة وأقامهما على الحق وصحة التقدير. (وَصَوَّرَكُمْ) يعني خلق البشر على ما هم عليه من الهيئة (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) من حيث تمام الخلقة (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي إليه المرجع يوم القيامة (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا يفوت علمه شيء (وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ) ما تفعلون في سرّكم (وَما تُعْلِنُونَ) وما تظهرونه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي عارف بأسرار القلوب وبواطنها.
٥ و ٦ ـ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) أي ألم يجئكم أخبار الكافرين (مِنْ قَبْلُ) هؤلاء الكافرين (فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي لقوا عاقبة كفرهم من الإهلاك والقتل (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي موجع في الآخرة (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي ذلك الإهلاك والقتل والعذاب ، كان بسبب أنه جاءتهم الأنبياء بالمعجزات والحجج الواضحة (فَقالُوا) للرّسل : (أَبَشَرٌ) مثلنا (يَهْدُونَنا) يرشدوننا إلى مصالحنا وإلى الحق (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) أي جحدوا وأعرضوا عن رسله (وَاسْتَغْنَى اللهُ) بسلطانه عنهم وعن أيمانهم (وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) مستغن عن طاعتكم وعبادتكم ، مستحق للحمد على ما أفاض من نعمه على خلقه.
٧ إلى ١٠ ـ (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ...) أي ظنّوا ظنّا كاذبا بأنهم لا يعادون أحياء للحساب يوم القيامة (قُلْ) يا محمد لهم : (بَلى وَرَبِّي) أي : أجل وحقّ ربي (لَتُبْعَثُنَ) أي لتحشرنّ (ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ) أي لتخبرنّ بأعمالكم وتحاسبون عليها (وَذلِكَ) الأمر من البعث والحساب (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) سهل عليه وهيّن (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) صدّقوا بهما (وَ) آمنوا ب (النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) وهو القرآن (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) عالم بذلك كله (يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) أي حين يحشركم ليوم القيامة (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) أي اليوم الذي يستعيض فيه المؤمن ما ترك من حظه في الدنيا وينال حظّه من الآخرة فيكون قد ترك ما هو شرّ وأخذ ما هو خير فكان غابنا ، وبعكسه الكافر الذي ترك حظّه من الآخرة وأخذ حظّه من الدنيا ، فأخذ بذلك الشرّ وترك الخير وكان مغبونا. (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) أي يتجاوز عن معاصيه ويمحوها (وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) باقيا فيها إلى الأبد (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي ذلك الجزاء هو النجاح الأوفر الأكبر.