جل فضائلهم ومآثرهم ، الا أنه ما استطاع أن يلوح بمنقصة واحدة في أي معلم
من معالم أي امام ، وما ذاك الا لقرب الصلة مع الله (تعالي) ، دون الاغترار بملحظ
الرضا والغضب في المشاعر القابلة لخيانة الذمم واتباع العاطفة أو المصلحة في كتابة
التأريخ.
وتأسيسا علي ما
تقدم ، فقد وجدنا العزل السياسي للامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) متقاطعا مع الأضواء المتلألئة ليقظة التأريخ في التحدث عنه ، وهذا ما
يفسر تلك الاشارات الرائعة عن شخصية الامام في سجل الخالدين ، مما يعني أن التخطيط
المتواصل لاقصاء أهل البيت سياسيا ، لم يوفق لاقصائهم فكرا ، وأن البعد عن السلطة والحكم
لم ينسحب طردا ليعزلهم عن القيادة والتشريع ، وأن السلطان الدنيوي لم يستطع ان
يطوح بالسلطان الديني الماثل.
ولقد كان ما
منح به التأريخ الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) من السمات في المستوي الفكري والعلمي والعقلي والمعرفي
والنفسي يفوق في مفرداته ما وصف به أساطين الاسلام وقادة الأمة ، ومعني هذا أن
الامام قد اقتطع هذا المنح اقتطاعا عن ذمة التأريخ بين كل الدواعي القاضية باقصاء
شبح الامام عن الأفق سياسيا ومذهبيا.
لقد قال
التأريخ بملء فيه أن الامام (عليهالسلام) :
«كان أجل الناس
شأنا ، وأعلاهم في الدين مكانا ، وأسخاهم بنانا ، وأفصحهم لسانا ، وأشجعهم جنانا ،
قد خص بشرف الولاية ، وحاز ارث النبوة ، وبوأ محل الخلافة ، سليل النبوة ، وعقيد
الخلافة» .
والنظرة
التحليلية لهذا النص تقضي باختفاء الأجواء الضبابية المحيطة بتأريخ الامام ، فهي
تنتزع الصورة الحقيقية للامام انتزاعا ، وهي تعني
__________________