القيادة المرتقبة ، ذلك كله مع وجود الامام الصادق (عليهالسلام). فقد كانت الخطابية في غلوها قد استشري داؤها وبلاؤها في عهد الامام الصادق (عليهالسلام) علي يد محمد بن مقلاص الأسدي المعروف بأبيالخطاب ، وكان من أعنف الغلاة وأشدهم انحرافا ، وقد تبرأ منه الأئمة مدي التأريخ ، وحذروا شيعتهم ، وفندوا آراءه الغالية جملة وتفصيلا. وقد التجأ عيسي الشلقاني الي الامام الصادق (عليهالسلام) مستجيرا من هذه الظاهرة ، طالبا القول الفصل فيها ، فقال له الامام الصادق (عليهالسلام) : «يا عيسي : ما منعك أن تلقي ابني ـ يعني الامام الكاظم ـ فتسأله عن جميع ما تريد؟».
فاتجه عيسي صوب الامام الكاظم ، وكان صبيا في المكتب ـ كما تقول الرواية ـ فلما رآه الامام الموسي بن جعفر (عليهالسلام) بدره بالقول : «يا عيسي؛ ان الله (تبارك وتعالي) أخذ ميثاق النبيين علي النبوة فلم يتحولوا عنها أبدا ، وأخذ ميثاق الوصيين علي الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا ، وأعار قوما الايمان زمانا ثم سلبهم اياه ، وان أباالخطاب ممن أعير الايمان ، ثم سلبه اياه».
فقلت : «ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم» (١).
ونخلص من هذا الحديث الي أمور :
الأول : أن الامام الصادق (عليهالسلام) قد أراد الاشادة العملية بولده ، وأمر شيعته بالتوجه نحوه ، عالما بقدرته علي الاجابة ، ليوحي بذلك أنه الامام المفترض الطاعة.
الثاني : أن الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) قد بادر بالاجابة عما يختلج في ضمير السائل قبل سؤاله ، مما يشكل بعدا محوريا في القول بالعلم اللدني والموهبي لدي الامام كما سلف لنا فيه القول ببحث سابق.
__________________
(١) ابن شهر آشوب / المناقب ٣ / ٤١١.