الظلم والقبح العقلي ، ودحض نظرية الجبر والتفويض.
وليس عجيبا أن ينطلق الامام متهاديا بهذا المستوي الرفيع في سن مبكرة. فللنشأة أثرها في المعرفة والادراك والتمييز ، وللتربية الفذة ثمارها في الوعي والدراية المتنورة ، وخصائص الامام ـ باعتباره معصوما ـ تبدو متكاملة في ظل مواهبه وعصمته ، وهي مزيج بين ملكته الراسخة التكوينية وبين عبقرياته المتعددة. وبعد هذا فحديثه حديث أبيه ، وحديث أبيه حديث جده ، وحديث جده حديث رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ، ورسول الله هو المشرع الأعظم ، وكفي بذلك شرفا.
وليس جديدا القول ان الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) ، وريث النبوة الشرعي ، وحامل الرسالة اماما مفترض الطاعة ، وقد حمل بين جنبيه من عوامل الوراثة ، وصدور النص عليه ، ومقومات النمو الفكري ما يجعله حجة لله في بلاده وعلي عباده.
عاش الامام حياته في الصبا والشباب في أكناف مدرسة أبيه ، الامام جعفر الصادق (عليهالسلام) زعيم مدرسة أهل البيت (صلي الله عليه وآله) في موسوعيتها وموضوعيتها ، وقد صقلت هذه المدرسة قابلياته وقدراته الخارقة ، وهي تستوحي مصادرها من ذلك المخزون الثقافي الحافل بأصناف المعارف الانسانية التي سيرها الامام الصادق في الخافقين ، وأشرقت بأشعتها الملونة في الفكر البشري ففاق حد الطموح المرتقب الي الأفق المديد ، فاذا أضفنا الي ذلك الاعداد الكريم الذي حظي به الامام ، والمواهب الراقية التي انفرد بها ، والفضائل العامة التي اكتسبها ، وما أحياه من مآثر ، خلصنا أنه خلاصة أطروحة أهل البيت في التربية والتأصيل ، وزبدة هذا الكون في العبقرية والنبوغ.
ولا أدل علي هذا من تنويه أبيه به ، وارشاد الناس اليه ، ووضعه موضع