ويندفع عنه أيضا ما اورد عليه (١) أنّه لو كان الوجود موجودا بذاته والماهيّة موجودة بغيرها ـ الذيّ هو الوجود ـ كان مفهوم الوجود مشتركا (٢) بين ما بنفسه وما بغيره (٣) ، فلم يتمّ مفروض الحجّة من أنّ الوجود مشترك معنويّ بين الموجودات ، لا لفظيّ.
وجه الاندفاع (٤) : أنّ فيه خلطا بين المفهوم والمصداق ، والاختلاف المذكور مصداقيّ ، لا مفهوميّ.
فتبيّن بما تقدّم فساد القول بأصالة الماهيّة (٥) ، كما نسب إلى الإشراقيّين (٦). فهي عندهم أصيلة إذا كانت بحيث ينتزع عنها الوجود وإن كانت في حدّ ذاتها اعتباريّة والوجود المنتزع عنها اعتباريّا (٧).
ويردّه أنّ صيرورة الماهيّة الاعتباريّة (٨) بانتزاع مفهوم الوجود الاعتباريّ أصيلة ذات حقيقة عينيّة إنقلاب ضروريّ الاستحالة.
وتبيّن أيضا فساد القول بأصالة الوجود في الواجب وأصالة الماهيّة في الممكن ، كما قال به الدوانيّ (٩) وقرّره بأنّ الوجود على ما يقتضيه ذوق
__________________
(١) هذا الإيراد أورده الشيخ الإشراقيّ ، فراجع شرح حكمة الإشراق (كلام الماتن) : ١٨٤.
(٢) أي : مشتركا لفظيّا.
(٣) أي : بعرض غيره.
(٤) هكذا أجاب عنه صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٤١.
(٥) وهو القول بأنّ الواقعيّة العينيّة مصداق للماهيّة حقيقة ، فالماهيّة هي منشأ لظهور الآثار ، وأمّا مفهوم الوجود فهو مفهوم اعتباريّ اعتبره الذهن للحكاية عن الواقعيّة الخارجيّة الّتي هي الماهيّة.
(٦) راجع شرح حكمة الإشراق : ١٨٥ ـ ١٩١ ، والتلويحات : ٢٣. ونسب إليهم أيضا في الأسفار ١ : ٣٩ و ٤١١.
(٧) فالقائل بأصالة الماهيّة لم يدّع أصالتها من حيث هي هي ، بل ادّعى أنّ الماهيّة أصيلة إن كانت بحيث ينتزع عنها الوجود ، وهو بعد اكتسابها من الجاعل حيثيّة تسمّى عندهم : «الحيثيّة المكتسبة».
(٨) أي : الماهيّة من حيث هي هي وفي حدّ ذاتها ، قطع النظر عن غيرها.
(٩) الرسائل المختارة : ٥٣. وقد ينسب أيضا إلى السيّد الداماد ، راجع درر الفوائد : ٨٨.