الفصل الثامن
في بعض أحكام الممتنع بالذات
لمّا كان الامتناع بالذات هو ضرورة العدم بالنظر إلى ذات الشيء المفروضة كان مقابلا للوجوب بالذات ، الّذي هو ضرورة الوجود بالنظر إلى ذات الشيء العينيّة ، يجري فيه من الأحكام ما يقابل أحكام الوجوب الذاتيّ.
قال في الأسفار ـ بعد كلام له في أنّ العقل كما لا يقدر أن يتعقّل حقيقة الواجب بالذات لغاية مجده وعدم تناهي عظمته وكبريائه كذلك لا يقدر أن يتصوّر الممتنع بالذات بما هو ممتنع بالذات (١) لغاية نقصه ومحوضة بطلانه ولا شيئيّته ـ : «وكما تحقّق أنّ الواجب بالذات لا يكون واجبا بغيره (٢) فكذلك الممتنع بالذات لا يكون ممتنعا بغيره بمثل ذلك البيان. وكما لا يكون لشيء واحد وجوبان بذاته وبغيره (٣) أو بذاته فقط (٤) أو بغيره فقط (٥) فلا يكون لأمر واحد امتناعان كذلك (٦).
__________________
(١) والمراد من الممتنع بالذات الّذي لا قدرة للعقل على تصوّره هو الممتنع بالذات بالحمل الشائع ، أي مصداق مفهوم الممتنع بالذات ، كما أنّ المراد من حقيقة الواجب الّتي لا يقدر العقل أن يتعقّلها هو الواجب بالذات بالحمل الشائع ، أي مصداقه. وأمّا مفهوماهما فلا ريب في أنّ العقل يقدر على تعقّلهما ، كما هو واضح.
(٢) لما ذكره في الأسفار ١ : ٩٤ وبيّنه أيضا المصنّف رحمهالله في الفصل الثاني من هذه المرحلة.
(٣) أي : أحدهما بذاته ، والآخر بغيره.
(٤) بأن يكون كلاهما وجوبين بالذات.
(٥) بأن يكون كلاهما وجوبين بالغير.
(٦) أي : لا امتناعان يكون أحدهما بذاته والآخر بغيره ، ولا امتناعان يكون كلاهما بالذات ـ