المختصّ غير المشترك. وأيضا الماهيّة لا تأبى في ذاتها أن يحمل عليها الوجود وأن يسلب عنها ، ولو كانت عين الوجود لم يجز أن يسلب عنها (١) ، لاستحالة سلب الشيء عن نفسه. فما نجده في الأشياء من حيثيّة الماهيّة غير ما نجده فيها من حيثيّة الوجود.
وإذ ليس لكلّ واحد من هذه الأشياء إلّا واقعيّة واحدة ، كانت إحدى هاتين الحيثيّتين ـ أعني الماهيّة والوجود ـ بحذاء ما له من الواقعيّة والحقيقة ، وهو المراد بالأصالة ، والحيثيّة الاخرى اعتباريّة منتزعة من الحيثيّة الأصيلة ، تنسب إليها الواقعيّة بالعرض.
وإذ كان كلّ شيء إنّما ينال الواقعيّة إذا حمل عليه الوجود واتّصف به فالوجود هو الّذي يحاذي واقعيّة الأشياء. وأمّا الماهيّة فإذ كانت مع الاتّصاف بالوجود ذات واقعيّة ومع سلبه باطلة الذات فهي في ذاتها غير أصيلة ، وإنمّا تتأصّل بعرض الوجود (٢).
فقد تحصّل : أنّ الوجود أصيل ، والماهيّة اعتباريّة ، كما قال به المشّاؤون (٣) ، أي
__________________
(١) وفي النسخ : «ولم يجز أن تسلب عن نفسها» ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) بيان ذلك : أنّ كلّ حقيقة بلحاظ أنّها منشأ للآثار الخاصّة تكون نفسها. والمراد من الوجود» Existeece «هو كون الشيء نفسه. فالوجود هو الحقيقة الّتي كانت منشئا لظهور الآثار الخاصّة.
وأمّا بلحاظ أنّها ليست منشئا لغيرها من الآثار الخاصّة فلا تكون غيرها. والمراد من الماهيّة» Essence «هو عدم كون الشيء غيره. فالماهيّة هي عدم كون تلك الحقيقة غيرها. وهذا أمر عدميّ لا يحاذيه شيء ، بل ينتزع من كون الشيء نفسه (وهو وجود الشيء) وكون الغير نفسه (وهو وجود الغير). فيترتّب على كون الشيء نفسه آثار خاصّة لا تترتّب على كون الغير نفسه ، كما يترتّب على كون الغير نفسه آثار خاصّة لا تترتّب على كون هذا الشيء نفسه.
ومن هنا يظهر أنّه لا ينتزع عدم كون حقيقة غير نفسها إلّا بعد كونها نفسها. فالماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي ، ومن حيث وجود الشيء حدّه ، فتتأصّل بعرض الوجود.
(٣) ومنهم بهمنيار في التحصيل : ٢٨٤ ، والسيّد الداماد في القبسات : ٣٨ ، وتبعهم صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٤٩ ، والحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ١٠. وقيل : «إنّما لقّبوا بهذا الاسم لأنّهم كانوا يمشون في ركاب أرسطو كذا».