اتخاذ هذا الأخير
لكل الاحتياطات الضرورية على مستوى مؤونة التغذية لجعلها رهن إشارة ضيوفه ، فإن
أشعاش فضل الاعتماد على مؤونته الخاصة المتكونة من : «ثورين اثنين ، وأربعين كبشا
، وست مائة من الدجاج ... ومقادير من البيض والخضروات والتفاح والعنب» ، فوضع كل
ذلك بمخازن المركب الفرنسي قبل انطلاقه من تطوان. علاوة على ذلك ، فإنه لم يظهر
المغاربة تحمسا كبيرا لمواد الطبخ الفرنسي ، بل فضلوا أن يهيئوا طعامهم بأنفسهم :
«وخاصة الطبق
المشهور المسمى بالكسكس الذي لا يمكنهم الاستغناء عن تناوله. فكان يقدم إليهم في
ظهيرة كل يوم. إنهم متدينون جدا ، وتمسكهم شديد بتعاليم القرآن. فهم لا يشربون
الخمر أبدا ، وحين كنا نشربه أمامهم ، لم يصدمهم ذلك فيما يبدو ، ولربما كانت لهم
رغبة تذوقه ولو على سبيل التجربة ... وحاول أحد الحاضرين ممازحة الفقيه ، بقوله
إنه بفضل اطلاعه الواسع لا بد وأن يجد آية من القرآن ترخص له شرب الخمر» .
فباستثناء وجبات
الطعام ، لم يكن هنالك شيء يذكر يمكن القيام به في المركب. وقد قام جويفروي ببرمجة
شيء من الفرجة الليلية كالألعاب النارية ، تسلية لضيوفه وسعيا منه في جعل الرحلة
ممتعة. وفي ١٧ دجنبر ، تم بلوغ سواحل فرنسا ، وفي يوم ١٩ كان الوصول إلى مرسيليا
التي نال فيها الجميع قسطا من الراحة قبل التوجه إلى باريز. ووجهت الدعوة إلى السفير
لزيارة المدينة رفقة أعضاء البعثة ، غير أن أشعاش رفض الاستجابة لها ، ملحا على
ضرورة الإسراع بالتوجه إلى باريز دون تأخير. وكان رفض قبوله تلك الدعوة السياحية
من الأمور التي أربكت مضيفيهم الفرنسيين ، وبدأت تروج في أذهانهم تصورات وانطباعات
غامضة عن الطريقة الواجب نهجها مع زوارهم «الشرقيين». وفسر أحد الفرنسيين ذلك
الموقف الغريب للسفير المغربي بأنه تعبير إضافي عن حماسة دينية مفرطة : «ككل
المسلمين ، فقد فهم أن واجبه الأول عند الوصول إلى البلاد هو تقديم نفسه إلى
حاكمها ، الذي يرى
__________________