ونفيس الأحجار وبرق خدود الجواري يكاد يسلب فؤاد الحواري. وأحضر مع ذالك فاخر الأطعمة ولذيذ الفواكه وطيب الحلاوي ما يباح ويستحسن.
حتى إذا فرغنا قمنا وقام معنا هو وجميع من حضر ، وخرجنا لصالة أخرى ، وبقينا وقوفا لا يجلس منا أحد كما هي عادتهم إلا النساء. وجعل سلطانهم يتحدث مع كل واحد منا ، ويباسطه بما تيسر من الكلام ، ويسأله عن أحواله ويؤنسه بطيب الكلام. وكذلك تفعل زوجته وهي عجوز في الغبرين ، ولاكن عليها من الأحجار والجواهر واليامنض ما لا يوجد مثله إلا هنالك ، وكذالك تفعل بناتها وسائر من معها. وليس تحدث النساء مع الرجال عندهم عيبا ولا مخلا بالمروءة ، بل ذالك هو المطلوب عندهم لاكن مع عفة وصيانة وعدم حماية حول الحمى ، بل بنحو ظريفة أو أديبة أو تستحيي أو نحو ذالك ، أو بالسؤال عن أولادها وعن أسمائهم ونحو ذالك. فبقينا معهم نحو ساعة بعد العشاء ثم انصرفنا.
ومن الغد وبعده ، لم يبق باشدور (١) في باريز من باشدورات الأجناس الذين هنالك إلا جاء لعند باشدورنا يسلم عليه ويحييه ، وتابع السلطان ووزراؤه في ضيافتنا وإكرامنا.
وفي يوم الخميس بعد ملاقاته بيومين ، دخل عامهم وهو عام ١٨٤٦ من ميلاد عيسى عليهالسلام ، وهو أول يوم من يناير عندهم ، ووافق يوم العشرين من شهر دجنبير بحسابنا ، فهم يتقدموننا بأحد عشر يوما في كل شهر عجمي. وسبب ذالك حسب ما أخبر به بعضهم ، أن الشمس أسرع في الحركة من أيام العام بدقائق ، فبقوا غافلين عن تلك الدقائق مدة من الزمان ، إلى ما قبل هذا الحين بنحو ستمائة سنة ، رصد حبر من أحبارهم فألفى هذا العدد من الأيام قد توفر من تلك الدقائق. فلما كان اليوم الأول من يناير بالحساب القديم ، ألفوه قد تقدم بأحد عشر يوما توفرت من
__________________
(١) من الإسبانية أمباخادور (Embajador). صنفها بروفنسال) Le؟vi ـ Provenc؟al, Les histoiriens, () p. ٢٨, note ٢٦ ضمن «الكلمات الجديدة» الموجودة عند الزياني أواخر القرن الثامن عشر في كتابه الترجمانة الكبرى ، غير أن الكلمة كانت تستعمل في القرن السابع عشر ، ونجدها عند الغساني هكذا : الأنباشادور ، افتكاك ، ص. ٤٠.