فالنار للماء
الذي هو ضدها
|
|
تعطي النضاج
وطبعها الإحراق
|
فلا لوم في ذالك
ولا عتاب. وفي الحديث : «إنا لنكثر في وجوه قوم قلوبنا تلعنهم».
وبعد فراغه من
سردها فسرها الترجمان ، ثم أخرج السلطان من جيبه ورقة أيضا جوابا لذالك ، مضمنها
أنه يحمد الله على ما تجدد من المهادنة والمحبة والمودة بينه وبين سلطان المغرب ،
وأنه لا يصدر منه مع دولة مراكش والمغرب إلا ما يجري على مقتضى ذالك. وسردها
بعجميته ، ثم فسرها الترجمان بالعربية. ثم ناوله كتاب أميرنا نصر الله ، فقبضه قبض
تعظيم ، ثم انصرفنا من عنده فلقينا بناته وزوجته وقريباته متأدبين معنا ، ولا طفنا
بأطيب كلام ، ثم رجعنا.
وبعد وصولنا
لمحلنا ، قدمت علينا من عنده بطاقات يطلب منا أن نشرفه بالقدوم إليه ليلا لنتعشى
عنده. فلما كان الليل ذهبنا إليه ، فدخلنا تلك الصالات فألفيناها قد أوقد فيها
الشموع في ثريات عظيمة من البلور يخطف شعاعها البصر. وفي جوانب الصالات وصدرها
مراءي كبير عظيمة أكثر من قامة الإنسان ، تنطبع فيها تلك الثريات بشموعها وسائر ما
في البيت ، فيخيل للناظر أنها صالات أخر فيها مثل ذالك ، وذالك لشدة صفاء المرءات.
فألفيناه قد أحضر جميع وزرائه وعظماء دولته ونسائه وبناته وسائر أولاده ونساء
أولاده ، فكان الجميع نحوا من سبعين نفسا.
فأدخلنا لصالة
الأكل ، فألفينا فيها طبلة كبيرة تسع العدد المذكور ، وهي مستطيلة بحيث لا يستثبت
من يكون في طرفها من هو في الطرف الآخر. قد صفف عليها أواني الفواكه والحلاوات ،
وفي وسطها صفان متقابلان من حسك الشموع ، كل حسكة بأفواه عديدة ستة أو سبعة. وبين
الصفين صف آخر من أواني النوار والأزهار. وكل حسكة منزلة في طبلة مذهبة ، وفوق
الطبلة على طول الصالة ثريات من البلار تضيء بالشموع ، وفي جوانبها ثريات صغار
بالشموع أيضا ، فكان جملة ما يوقد في تلك الصالة من الشموع ثلاثمائة وثلاثين. وكل
ما يدور على تلك الطبلة من الأواني فهو من الذهب والفضة. وكل الجالسين عليها
لابسون الذهب على ثيابهم وسيوفهم ، فكان في ذالك منظر رائق وجمال فائق من شعاع
الشموع ولمعان الأواني ولباس الجالسين وصفاء المراءي والثريات. وما على النساء من
فاخر الدرر