عندهم في جميع بلاد فرانسا خمس أو ست وثمانون إيالة ، كل إيالة فيها مدينة كبيرة وما يضاف إليها من عمالتها من البلدان الصغار. ولكل إيالة حاكمان ، أحدهما حاكم العسكر ونظره مقصور عليه ، والثاني حاكم الرعية غير العسكر وهو بمنزلة قائد البلد عندنا ، ومرتبة الأول عندهم أعلا من الثاني (١). ومقرهما يكون في بلد الإيالة التي هي حاكمة على غيرها ، ولهما خلائف في حكومتهما. فمن حكومة مرسيليا وعمالتها مدينة طولون فحكومتها من تحت حكومة مرسيليا ، ومن عمالتها مدينة إكس (٢) الآتي ذكرها.
وبخارج هذه المدينة وأحوازها عمران متزاحمة وبناءات متلاصقة ، تمشي بعدها عدة أميال وفراسخ كأنك داخل بلدة ، وأهلها يريدون أن يجبلوا لها ماء من مسيرة بعيدة على نحو ثلاثة أيام من نهر قرب مدينة أفنيون (٣) ، وصرفوا على عمله أموالا جزيلة وإلى الآن لم يصل ، ولكنهم جادون في العمل يحفرون له مهاوي عميقة في بطون الجبال ويبنون له القناطير العظام فيما بين الجبلين ، وحفرهم المذكور بحركات البابور التي تدور بالنار ، فيخرجون من بطن الأرض جبالا من التراب من ذالك الحفر (٤). ويريدون أن يحدثوا بها مرسى أخرى وهم جادون في عملها ، لأن مرساها القديمة تتقعد فيها أثفال المدينة وأوساخها ، إذ لا منفذ لها سوى هنالك ، فكادت أن تفسد بسبب ذالك ، حتى أن ماءها أسود نتن ، فأرادوا أن يجعلوا أخرى عن يسار هذه
__________________
(١) «حاكم الرعية» يعني به الصفار والى المقاطعة المعروف في فرنسا باسم البريفي (pre؟fet) ، وهو أعلى هيئة مدنية رسمية تشرف على سير أعمال المقاطعة. أما «حاكم العسكر» ، فهو موظف عسكري من رتبة جنرال يتولى مسؤولية الإشراف على تسيير ثكنة عسكرية محلية خاضعة لأوامر وزارة الحربية ، انظر :
Grande encylope؟die Larousse, ed., ٢٨٨١., s. v" De؟partement".
(٢) مدينة (Aix en Provence) سابقة الذكر.
(٣) مدينة (Avignon).
(٤) شرع منذ سنة ١٨٣٩ في مد قناة مائية من نهر دورانس (Durance) إلى مرسيليا عبر مسافة بلغت ٨٣ كيلومترا. وكان أزيد من ٢١ كيلومترا من مجموع طول القناة يمر في بطن الأرض. أما الأشغال فقد انتهت سنة ١٨٤٧ ، انظر : L\'Illustration ,٦ septembre.٥٤٨١