سبق الحديث عنه ، فهو يمارس كل أنواع الاجرام في البلاد حتى يستطيع أن يوفر لباي قسنطينة بثلاثين ألف قرش التي تعهد له بها مقابل احتفاظه بمنصبه كقائد لقبيلته ، وبالفعل فقد تمكن قبل وصولنا بفترة قصيرة من الاستحواذ على مواشي العرب المتعاملين مع الشركة الإفريقية كما ألحق أضرارا بتجارة الحبوب بفعل تهديده بمهاجمة القالة.
يمارس بالقالة صيد المرجان بنجاح كبير ، ونفس النشاط يمارسه الجنويون بجزيرة طبرقة (١) الواقعة على مسافة قصيرة من هنا. وهذا ما أدى إلى ظهور العديد من الصعوبات الناتجة عن انتهاك الحدود المتبادل بين البلدين (الجزائر وتونس). فمع أن سكان طبرقة كانوا في حالة سلم مع الجزائريين إلّا أن أحد قراصنتهم أقدم على الاستيلاء على قارب صيد تابع للقالة بحجة أن هذا القارب خرق الحدود المتفق عليها بين البلدين.
لقد عاينت الكيفية التي يتم بها صيد المرجان بالقالة ، فيرمى من
__________________
(١) جزيرة طبرقة تقع قبالة الساحل التي توجد فيه المدينة التي تحمل هذا الاسم طبرقة (Thabarca) ، وقد كانت هذه المدينة في أول أمرها محطة فينيقية ، وتحولت إلى ميناء روماني عرف ازدهارا ملحوظا في القرنين الثالث والرابع الميلاديين لوفرة المعادن والمحاصيل التي كانت تصدر منها ، ثم احتفظت بأهميتها في العصور الإسلامية. ومع انعدام الأمن بالبحر المتوسط منذ القرن الحادي عشر ، اكتسبت الجزيرة المقابلة لها أهمية خاصة ، فاستولى عليها خير الدين ليقايض بها الجنويين مقابل إطلاق سراح مساعده البحار الشهير دارغوث باشا (١٥٤١) ، فأصبحت منذ ذلك التاريخ تحت آل لوموليني إحدى العائلات الكبرى بجنوة ، وضمت إلى أملاكهم عندما قام بتسليمها لهم نائب ملك صقلية فردناد دو غونزاغ (F.de Gonzague) في ٢٢ سبتمبر ١٥٤٢ ، فظلوا يسيطرون عليها مدة قرنيين ، وأثناء ذلك اعتنوا بدفاعات الحصن ، وعملوا على تطوير صيد وتجارة المرجان وتصدير الحبوب. هذا ونافس الجنويين على هذا الحصن الفرنسيون وحاولوا افتكاكه منهم ، وعندما فشلوا في ذلك أقنعوا باي تونس علي باشا بطردهم منه ، فتمكن ابنه يونس من الاستيلاء عليه في شهر يونيه ١٧٤١ ، وهذا ما مكن فرنسا فيما بعد من إنشاء مركز تجاري به سنة ١٧٨١.