منه لمعاينتها ، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن ، ومما يلاحظ أن رجال هذه القبيلة العربية التي نزلنا عندها كانوا محل ريبة من البايليك ، فقد احتجزت أسلحتهم وتعرض أعيانهم للضرب بالعصا.
وفي ١٣ ماي علمنا بوجود عيون ماء معدني في تلك النواحي ، فرجوت الآغا أن يمكنني من الوصول إليها ، وبالفعل ذهبت إليها بصحبته شخصيا ، وكنت أول من شرب الماء الذي ينبع من إحدى الصخور ، فكان له مذاق طيب ، وتبعني في ذلك الآغا ورجاله ، وقد أكد لي بعض من شرب كمية من ماء هذا النبع أن له نفس تأثير المياه المعدنية ، وبعد التحليل تبين لي أنها مياه تحتوي على محلول الحديد والكبريت (vitriolique et ferrugineuse) ، ونصحت كل من استشارني أن يستعمله بحذر متمنيا أن عملي هذا يجعل قبيلة بن سالم مغتبطة باكتشاف الفوائد الصحية لهذا النبع الموجود بأراضيها.
لقد قضينا الليل في أكواخ العرب ومن الغد ارتحلنا إلى أولاد ثان المقيمين وسط جبال شاهقة ، وكعادتي ذهبت للبحث عن النباتات ، فعثرت على حرباء حية ذات لون أخضر لم يلبث أن تغير لونها عندما أمسكتها بيدي ، وكانت نيتي أن أحتفظ بها حية وأنقلها معي مع حرباء أخرى أهديت لي ، ومع أني كنت غير مقتنع بأن هذه الحرباء كانت تعيش فقط على استنشاق الهواء ، فإني كنت أرمي لها كل يوم بعض الذباب لكونها عاجزة عن الإمساك به لوحدها ، وبعد أربعة أيام بقيت فيها بدون أكل لم يظهر عليها أي تحول ، وهذا ما أكد لي أنها تكتفي بالقليل مما تتناوله ولكنها لا تتغذى من الهواء فقط.
وفي ١٥ ماي نصبنا خيامنا في وطن قشتولة ، وفي هذا اليوم أمر الآغا
__________________
غير بعيد من وادي الجنان الذي ينبع من جبل ديرة ويعرف في مجراه نحو شط الحضنة بوادي اللحم (أنظر الخريطة رقم ١ الملحقة بالكتاب) ، وتعرف عليها أيضا الطبيب شو ووصفها بهذه العبارة : " إن ماءها ممزوج بالنفط يعالج بها الجمال". أنظر :
Shaw, op. cit., P. ٠٢٣.