وفي الجزء الجنوبي من مملكة الجزائر توجد أنواع مختلفة من الحيوانات المتوحشة تعيش في عزلة بجبال الأطلس ، ولا يمكن الحصول عليها إلا بأمر من الداي عندما يرغب في تقديم هدايا لإحدى الدول الأوربية أو عند ما يعود الجند الإنكشاريون المشاركون في المحلات (١) التي تجوب تلك الجهات لاستخلاص الجبايات ، لأن هؤلاء الجند يستعملون أي وسيلة تمكنهم من الحصول على هدايا يقدمونها لأصدقائهم ، وقد سبق لي القول بأن ابن الداي ، وهو آغا المحلة ، قدم لي لبوءة صغيرة كهدية ، وأصدر أوامره بأن يبحث لي عن كل أنواع الحيوانات النادرة ، وقد أصبحت حضيرتي من هذه الحيوانات الآن تتكون من اللبوءة الصغيرة وقنفذين وقط متوحش (chat tigre) وابن مقرض (furet) وظبي (antilope) ، وقد اشتريت قطا متوحشا آخر وهو من فصيلة جميلة من القطط ، فضلا عن الوعد الذي أعطي لي للحصول على بعض من طيور النعام. أما بحر الجزائر فوفر لمجوعتي أسماكا نادرة عملت على تجفيفها أورسمها لفائدة المكتب الملكي الذي أقوم بالرحلة لحسابه.
لقد حال رمضان دون حصولي على الحراسة الضرورية لسفري داخل الجزائر ، وهذا ما جعلني الآن لا أستطيع الابتعاد كثيرا عن مكان إقامتي وإن كنت قد وضعت خططا لزيارة نواحي جبال الأطلس على أن يبقى بعض
__________________
(١) المحلات جمع محلة ، وهي حملات فصلية تتوجه فيها فرق الجند (اليولداش) وعلى رأسها الآغا من مدينة الجزائر وكذلك من مراكز المقاطعات (قسنطينة ومعسكر والمدية) بقيادة البايات نحو المناطق الجبلية والسهبية بالداخل لاستخلاص الضرائب وجمع الرسوم وإيقاع العقاب بالعصاة والمتمردين. وهذه الحملات الفصلية عادة ما تخرج قبل نهاية فصل الربيع ومع حلول فصل الخريف ، حيث يرتبط السكان بمواطنهم لرعي قطعانهم وجمع محاصيلهم. ويعرفنا صاحب الرحلة على واقع المحلة بإقليمي التيطري وقسنطينة لمصاحبته الجنود المشاركين فيها. أنظر ناصر الدين سعيدوني ، النظام المالي ... ، المصدر نفسه ، ص ص. ٩٨ و ١٢٢ ـ ١٢٥.