للعديد من
المؤلفات التاريخية خاصة منها ما يتعلق بتاريخ الجزائر وتونس في العهد العثماني ،
فلم يعد من الممكن لأي باحث جاد تجاوز ما كتبه ونشره في هذا الشأن كل من مارمول ،
وهايدوودان ، ودابر ، وداراندا ، ولاموت ، ولافاي ، وطولو ، ودارفيو ، وبايصونال ،
ودي فونتال ، وشووبوتان ، وشالر .
لقد شكلت تلك
الكتابات الغربية منذ منتصف القرن الثامن عشر ، بحكم الهيمنة الثقافية الأوربية في
مجال البحث والتأليف والنشر ، المرجع الأساسي للفترة العثمانية من تاريخ المغرب
العربي ، وقد أصبح كتاب غرامون (H.de Grammont)
الذي اعتمد على هذه الكتابات التاريخية منذ صدوره عام ١٨٨٧ النموذج الذي قلما تجاوزه من كتب عن تلك الفترة ؛ وقد رسم
هذا الكتاب المرجعي ملامح الفترة العثمانية ببلاد المغرب العربي ، فتحددت الصورة
النمطية حسب النظرة الأوربية ، وغدا الوجود العثماني في الأساس هيمنة واستعمارا
وتأخرا وجمودا ، واعتبر الجهاد البحري قرصنة واعتداء ، بينما أصبح تصدي الحكام
لمخططات الهيمنة الخارجية موقفا عدائيا غير مبرر ، أما الجهاز الإداري فهو مجرد
آلة مسخرة لممارسة الظلم وتكريس الاستعباد ، فيما غدت العادات والتقاليد مظهرا
للتأخر والانغلاق.
إن هذا التصور
الأوربي لتاريخ المغرب العربي في الفترة العثمانية ينطلق من نظرة خارجية ويعبر عن
موقف عدائي ، جعل الدارسين لتاريخ المغرب العربي الحديث في موقف حرج ، بل في تناقض
مع شروط المنهجية سواء من حيث المواصفات الموضوعية أو المعالجة العلمية ، فهم لا
يستطيعون بحكم حاجتهم إلى المضمون التاريخي لهذه الكتابات الأوربية أن
__________________