وأما في الأعضاء فقد ظهر أن الأعضاء الرئيسية ليست بشديدة القرب من الاعتدال الحقيقى ، بل اللحم أقرب من الأعضاء من (١) ذلك الاعتدال (٢) ، وأقرب منه الجلد (٣) ، فإنه يكاد لا ينفعل عن ماء ممزوج بالتساوى نصفه جمد ونصفه ماء مغلى ، ويكاد يتعادل فيه تسخين العروق والدم لتبريد العصب ، وكذلك (٤) لا ينفعل عن جسم حسن الخلط من أيبس الأجسام وأسلسها (٥) ، إذا كانت فيه بالسوية. وإنما يعرف أنه لا ينفعل ، لأنه لا يحس ، وإنما كان مثله لما كان لا ينفعل عنه (٦) ، لأنه لو كان مخالفا له لا نفعل عنه. فإن الأشياء المتفقة العنصر المتضادة الطبائع المتفاعلتها (٧) ، ينفعل بعضها عن بعض. وإنما لا ينفعل الشىء الذي طبيعته ما ذكرناه (٨) عن شبيهه في ذلك (٩). وأعدل الجلد جلد اليد (١٠) وأعدل جلد اليد جلد الكف ، وأعدله جلد الراحة ، وأعدله ما كان على الأصابع ، وأعدله ما كان على السبابة ، وأعدله ما كان على الأفعلة منها (١١). فلذلك هي وأنامل الأصابع الأخرى تكاد تكون الحاكمة بالطبع في مقادير الملموسات ، فإن الحاكم يجب أن يكون متساوى الميل إلى الطرفين جميعا ، حتى يحس بخروجه عن التوسط والعدل.
ويجب أن تعلم ، مع ما قد علمت ، أنا (١٢) إذا قلنا للدواء إنه معتدل ، فلسنا نعنى بذلك أنه معتدل على الحقيقة ، فلذلك كما علمت غير ممكن ، ولا أيضا أنه معتدل بالاعتدال الإنسانى في مزاجه ، وإلا لكان من جوهر الإنسان بعينه. ولكنا نعنى أنه إذا أثر فى البدن الإنسانى لم يؤثر أثرا يخرج بمزاج الإنسان إلى زيادة حرارة وبرودة (١٣) أو رطوبة (١٤) ويبوسة ، فكأنه (١٥) معتدل بالقياس إلى فعله في بدن الإنسان. وكذلك إذا قلنا إنه حار أو بارد فلسنا نعنى أنه في جوهره بغاية الحرارة أو البرودة ، ولا أنه في جوهره أحر
__________________
(١) من (الثانية) : ساقطة من د ، سا ، ط
(٢) بل ... الاعتدال : ساقطة من م
(٣) الجلد : جلده م.
(٤) وكذلك : ولذلك د ، سا ، ط ؛ فكذلك م.
(٥) وأسلسلها : وأسيلها ب ، طا ؛ وأسهلها ط.
(٦) عنه (الأولى) : منه د ، سا ، ط ، م.
(٧) المتفاعلتها : المتفاعلة ط.
(٨) ما ذكرناه : ما ذكرنا ط
(٩) ذلك : تلك الكيفية ط ، م
(١٠) وأعدل جلد اليد : ساقطة من م.
(١١) منها : ساقطة من د ، سا.
(١٢) أنا : أنه سا.
(١٣) وبرودة : أو برودة ط.
(١٤) أو رطوبة : ورطوبة م.
(١٥) فكأنه : وكأنه ط.