ومن القبيح ظن الظان أن الرحم يفعل في الرطوبة ما تفعله صفحة (١) الفرن بالقطائف ، فإن الرحم ، وإن بلغ (٢) الغاية في التسخين ، فإنه (٣) رطب (٤) السطح رطب الجوهر ، لا يبلغ منه أن يشوى (٥) سطح رطوبة (٦) شيّا يجعله صفاقيا جلديا. ولو كانت هذه المعاملة تجرى بين الأعضاء الحارة وما تشتمل عليه من الرطوبات ، لكانت المعدة والكبد أولى أن تكون الرطوبة ، إذا ماستها ، انتسج عليها صفاق غشائى. فإن كان في المنى قوة مصورة لصورة العظم ، فعسى أن تفى هي أيضا بتصوير الغشاء ، فيستغنى عن نسبة تصوير غشاء (٧) رقيق إلى غيره. وما الذي يحوج في الأمور الطبيعية التي فيها مبادئ حركات تفى بأعمال وأفعال أن يجعل لها مبادئ حركة من خارج ، ويجعل حكم المنى حكم القطائف ، وإن كانت قد تتفق لها معاونات ومعاوقات من خارج لا تنكر. وأما الذي قاله بعد هذا فكان ينبغى أن يعلم أن القائل بأن التوليد من دم الطمث ، والتوليد (٨) من منى الرجل ، يوجب أن يكون المنى عادما للمزاج القابل لتكوين الحيوان منه ، وإن كان من حيث اللزوجة والبياض صالحا للتخطيط والتكوين والمذكور.
وليعلم أن الصور الصناعية هي التي يقتصر فيها من موادها على أن تكون قابلة للتشكيل فقط ، لملاءمتها بالصلابة واللين ، واللزوجة والغلظ وغير ذلك ، حتى إن كان المراد هو الإلصاق جاز كل مادة لزجة كان صمغا أو دبقا أو غراء. وإن كان المراد التحديد الفصلى جاز أن يكون حديدا أو ياقوتا أو ألماسا. وإن كان الغرض التجويف ، جاز أن يكون ذهبا أو فضة أو نحاسا أو خشبا (٩). ولذلك ما يصلح إيجاد الشكل الصناعى فى مواد مختلفة.
وأما الصور الطبيعية فليس الغرض فيها إيجاد الشكل والتحديد (١٠) ، بل وأن يكون
__________________
(١) صفحة : صفيحة سا.
(٢) بلغ : بلغت ط
(٣) فإنه : فإنها ط
(٤) رطب : (الأولى والثانية) : رطبة ط.
(٥) يشوى : يشتوى د ، م
(٦) رطوبة : رطوبته م.
(٧) غشاء : غشائى م.
(٨) التوليد (الأولى) : التولد سا ، ط.
(٩) خشبا : خشبة د ، ط ، م.
(١٠) والتحديد : والتخطيط د ، سا ، طا ؛ + فقط سا ، ط.