[رجال](١) يوقدونها ، لا تمرّ على جبل إلا دكته وأذابته ، ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق ، له دويّ كدويّ الرعد ، يأخذ الصخور بين يديه ، وينتهي إلى محط الركب العراقي ، واجتمع مع ذلك ردم كالجبل العظيم ، فانتهت النار إلى قرب المدينة ، ومع ذلك كان يأتي إلى المدينة نسيم بارد ، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر.
قال القرطبي : وشوهدت من مكة وبصرى. فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار ، وثار من محل ظهورها في الجوّ دخان متراكم ، فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار ، وظهر مثل المدينة العظيمة ، ولم يتجسر الخيل على القرب منها ، وكانت ترمي بشرر كالقصر.
وقال القسطلاني : لم تزل مارّة على سبيلها حتى اتصلت بالحرّة ووادي شظا ، وهي تسحق ما والاها ، وتذيب ما لاقاها من الشجر الأخضر وغيره ، وطرفها الشرقي آخذ من الجبل فأتت دونه (٢) ثم وقفت ، وطرفها [الشامي](٣) وهو الذي يلي الحرم ، اتصل بجبل غير قريب من أحد ، ومضت في شظا الذي هو طرف وادي سيدنا حمزة ، ثم استقرت تجاه حرم مدينة النبي صلىاللهعليهوسلم ثم طفئت ، قيل : كانت النساء تغزل على ضوءها بالليل من أسطحة المدينة. هذا ملخص ما في شرح البخاري والجلال وتاريخ الخميس (٤).
__________________
(١) في الأصل : رجالا.
(٢) في تاريخ الخميس : طرفها الشرقي أخذ بين الجبال فحالت دونه.
(٣) في الأصل : الثاني. والتصويب من تاريخ الخميس.
(٤) تاريخ الخميس (٢ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣) ، وتاريخ الخلفاء (ص : ٤٦٥ ـ ٤٦٦).