وأربعمائة (١).
وفي تسعة وأربعمائة لم يحج أحد من بغداد ؛ لأنهم خرجوا من بغداد فاعترضهم الأعراب بين القصر والحاجر (٢) ، والتزموا منهم زيادة على رسومهم ، فرجعوا ولم يحجوا (٣).
وفي أربعمائة وعشرة ظهر في آخر أيام الحاكم العبيدي صاحب مصر رجل اسمه : هارون المتجلش (٤) وصار يدعو الناس إلى عبادة العبيدي ، حتى أنه سبّ الرسول وبصق على المصحف لعنة الله عليه فقد كفر ، وسار يدعو الناس إلى أن نزل بمكة ، ونزل على أبي الفتوح أمير مكة ، وصار يطوف بالكعبة ، وكلما رآه أهل مكة والمجاورون بها مضوا إلى أبي الفتوح يذكرون له شأنه ، وأنه لا يستتاب فيقول لهم : هذا نزيلي وأعطيته الذمام (٥). ودفعهم عنه ، فاجتمع الناس عند باب الكعبة وضجّوا إلى الله وبكوا ، فأرسل الله ريحا سوداء حتى أظلمت مكة ، وصار للكعبة نور كالترس (٦) ، ولم تزل [الظلمة](٧) ليلا ونهارا على حالة واحدة سبعة عشر يوما ، فلما رأى ذلك [أبو](٨) الفتوح أمر بالغريم وغلام له مغربي فضربت أعناقهما وصلبا ، ورميا بالحجارة حتى سقطا إلى الأرض فحرقوهما. حكاه في الدرر
__________________
(١) انظر : شفاء الغرام (٢ / ٣٨١) ، وإتحاف الورى (٢ / ٤٤٤) ، والبداية والنهاية (١٢ / ٢).
(٢) الحاجر : منزل من منازل الحاج في البادية (لسان العرب ٤ / ١٧١).
(٣) شفاء الغرام (٢ / ٣٨١) ، والنجوم الزاهرة (٤ / ٢٤٢) ، وإتحاف الورى (٢ / ٤٤٤) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٥٢).
(٤) في العقد الثمين : هادي المستجيبين ، وفي إتحاف الورى : هادي المستجيش.
(٥) في الأصل : الزمام.
(٦) التّرس : ما كان يتوقّى به في الحرب (المعجم الوسيط ١ / ٨٤).
(٧) في الأصل : المظلمة.
(٨) في الأصل : أبا.