جابر وابن عمر رضياللهعنهما ، وليتني الآن [مجاور](١) بها.
وأجاب القائلون بالاستحباب عما ذهب إليه أبو حنيفة رضياللهعنه بأن من يخاف من ذنب فيقابله بما [يرجى](٢) لمن أحسن من تضعيف الثواب.
والحاصل : أن علة كراهية من كره المجاورة بمكة من العلماء ليس إلا مراعاة الخلق والخوف من قصورهم عن القيام بحق الموضع ، فمن أمكنه الاحتراز عن ذلك وقدر على الوفاء بحقه وتعظيمه وتوقيره على وجه يقي منه حرمة البيت وجلالته ومهابته في عينه كما دخل مكة ، فالمقام بها حينئذ هو الفوز العظيم [والفضل](٣) الكبير العميم.
وعن سهل بن عبد الله قال : كان عبد الله بن صالح رجل له سابقة جليلة ، وكان يفرّ من الناس من بلد إلى بلد حتى أتى مكة فطال مقامه بها ، فقلت له : لقد طال مقامك بها ، فقال لي : لم لا أقيم بها وما أرى بلدة تنزل فيها الرحمة والبركة أكثر من مكة ، والملائكة تغدوا فيها وتروح ، وإني أرى فيها عجائب كثيرة ، والملائكة يطوفون على صور شتى ما يقطعون ذلك ، ولو قلت لك كما رأيت لصغرت عنه عقول قوم ليسوا بمؤمنين. فقلت له : أسألك بالله! إلا أخبرتني بشيء ، فقال : ما من ولي لله عزوجل صحّت ولايته إلا وهو يحضر هذه البلد كل جمعة فلا متأخر عنه ، [فمقامي هاهنا لأجل من أراه](٤) منهم ، ولقد رأيت رجلا منهم يقال له : مالك بن القاسم
__________________
(١) في الأصل : مجاورا.
(٢) في الأصل : يرضى. والتصويب من البحر العميق (١ / ١٧).
(٣) زيادة من البحر العميق (١ / ١٧).
(٤) في الأصل : فمقامه هاهنا لأجل ما رأى. والتصويب من البحر العميق (١ / ١٧).