لأنه اقتبس منه الحجر الأسود فسمي بذلك الحجر (١). انتهى (٢). والله أعلم.
ولما بنت قريش البيت وبلغ البناء موضع الحجر الأسود اختصموا (٣) القبائل من قريش ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى محله دون الأخرى حتى أعدوا للقتال ، حتى اختاروا أول داخل من باب السلام يحكم بينهم ، فكان أول داخل هو صلىاللهعليهوسلم ، فوضعه في رداء وأمر القبائل أن ترفعه ، ووضعه صلىاللهعليهوسلم بيده الشريفة على ما تقدم. ذكره الحلبي (٤).
وذكر القرشي في البحر العميق (٥) : أن عبد الله بن الزبير رضياللهعنه لما بنى الكعبة وارتفع البناء إلى موضع الركن ، وكان ابن الزبير حين هدم البيت جعل الركن في ديباجة وأدخله في تابوت وقفل عليه ووضعه عنده في دار الندوة ، ولما بلغ البناء إلى موضع الركن أمر ابن الزبير بموضعه ، فنقر في حجرين ، حجر من المدماك الذي تحته ، وحجر من المدماك الذي فوقه بقدر الركن وطوبق بينهما ، فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير رضياللهعنهما ابنه عبّاد ابن الزبير وجبير بن شيبة بن عثمان أن يجعلوا الركن في ثوب ، وقال لهم ابن الزبير رضياللهعنه : إذا دخلت في صلاة الظهر فاحملوه واجعلوه في موضعه ، فأنا أطوّل الصلاة ، فإذا فرغتم فكبّروا حتى أخفف صلاتي ،
__________________
(١) ذكره الأزرقي (٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧).
(٢) السيرة الحلبية (١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦).
(٣) هي لغة نطقتها العرب وجاء بها القرآن كقوله تعالى : (عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) ، وقوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وهي لغة مرجوحة وغيرها أولى منها ، وهي ما يعبر عنها النحويون بلغة : «أكلوني البراغيث» ، وعبر عنها ابن مالك بلغة : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة في النهار». (شرح ابن عقيل ٢ / ٧٩).
(٤) السيرة الحلبية (١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦).
(٥) البحر العميق (٣ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦).