حطب وزيت وبترول أم ماذا؟ (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ؟) أنت يا رب! ولماذا؟
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) : لإمكانية المعاد ، فكما أنها من اصول الحياة في المبدأ ، كذلك هي في المعاد ، أن تتعاون مع الماء في الطينة فيرجع كل ببدنه الأصيل! فهذه تذكرة.
ومن ثم تذكرة لنار المعاد ، التي تورى على من قدمتها يداه ، وأن الله ليس بظلّام للعبيد ...
(وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) : أقوى : دخل في قواء : مفازة ، وهي كذلك من الأضداد من القوة نفيا وإثباتا. فالغني مقو لكونه ذا قوة ، والفقير مقو لكونه بلا قوة ، ثم المفازة قد تكون مفازة الأسفار القريبة من هنا إلى هناك دنيا ، أم سفر بعيد من الدنيا إلى الآخرة ، فالدنيا إذا كلها مفازة وقواء ، كما وأن أصحابها كلهم ذوو قواء : فقراء وأغنياء ، مفازة واسعة ـ زمانا ومكانا ـ يتجول فيها الخلق أغنياء وفقراء ، ويحتازونها إلى الساهرة على سواء.
فالنار التذكرة للخلق أجمعين ، هي أيضا متاع للمقوين ، في سفر قريب أم بعيد. المقوين الواجدين القوة والغنى ، والمقوين الفاقدين لهما أو إحداهما ، فالحاجة إلى النار حاجة عامة للناس أجمعين ، مستضعفين كانوا أم مستمتعين ، وعلى حد تفسير الرسول الأمين صلّى الله عليه وآله وسلّم : (لا تمنعوا عباد الله فضل الماء ولا كلاء ولا نارا ، فإن الله تعالى جعلها متاعا للمقوين وقوة للمستضعفين وقواما للمستمتعين) (١). مهما كان مقوي الدنيا في مفازاتها أحوج إليها.
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١٦١ ـ أخرجه الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن وائلة قال قال رسول الله (ص) : ...