هذا من تبديل الأمثال في الاخرى ، كما وان هناك تبديلا للأمثال في الاولى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ ...) إذ يأخذ المني من الأصلاب والترائب ، ثم يخلق منها أمثالكم. فإذ خلق من منيك مثلك ، فقد خلقك مثلك ، وكذلك الله يخلقك مثلك من منيك وطينتك يوم القيامة ، وإن كان فرق بين مثل ومثل ، فهنا من منيك مثلك ولدا لك ، وهناك منيك الذي خلقت منه أول مرة ، تخلق منه مرة أخرى مثل الاولى ، فما أوضحه مثالا خلق الأمثال يوم الدنيا بخلق الأمثال في الاخرى!
فكما ان (ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ) كم (أمثالكم) في الاولى (وَنُنْشِئَكُمْفِي ما لا تَعْلَمُونَ) في التطورات الجنينية ، كذلك وأحرى (ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ) كم (أمثالكم) في الاخرى (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) فلتدرسوا للنشأة الاخرى من الاولى :
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) :
درسا في مرحلتين من النشأة الاولى : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ ...) درس الأولوية في المرحلة الاولى ولأن النشأة الاخرى أهون منها وأحرى ، ودرس المماثلة التامة في المرحلة الثانية : خروج المني من الأجزاء الحية وانفصاله عن الحياة الانسانية ، ثم رجعه إليها عبر التطورات الجنينية ، دروس حاضرة حاذرة من كتاب تكوينكم تذكركم النشأة الاخرى.
ف (عجب كل العجب لمن أنكر النشأة الاخرى وهو يرى النشأة الاولى)
(١)! (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ. أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ. إِنَّا لَمُغْرَمُونَ. بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ).
__________________
(١) اصول الكافي باسناده إلى أبي حمزة قال : سمعت علي بن الحسين (ع) يقول :