وهكذا يكون دوما دور الكفر والخيانة الكافرة ، ان لا يبررها ولا يغني عنها من الله شيء ، مهما كانت القرابات والأنساب والاتصالات لهم بالصالحين ، كضابطة عامة لا تشذ ، فالنجسة الأخلاق والنحسة ، لا يطهرها بيت النبوّة ، إلا قدر ما تأخذ من طهارتها ، كما وأن الطاهرة الزكية لا يدنسها بيت الكفر والفرعنة ، بل وبالإمكان أن تمثل أهل بيت النبوة :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) :
هنا تتقدم امرأة فرعون على مريم أم المسيح ، لا لسبق زمني فحسب ، بل ولكي يدلنا أن أموته المسيح واخوة هارون وبنوة عمران لا تغني عنها شيئا ، وإنما هي تقوى الله تغني ، فامرأة فرعون متحللة نسبيا وسببيا عن كل ذلك ، ولكنها بتقواها في جوّ الطغوى تستحلّ مكانة عليا ، لحدّ تقدّمها في الذكر على مريم (ع).
أظنها الامرأة الوحيدة ، في مملكة عريضة ، عند أعظم ملوك الأرض وأقواهم وأطغاهم ، في قصر عديم النظير ، تجد فيه المرأة كل ما تشتهيه ، فهي في هذه الأوساط الكافرة ، تحت ضغط الملك والحاشية والبلاط ، وضغط المجتمع السامّ ، في خضمّ هذه الظلمات الطاغية ... إنها وحدها ترفضها كلها وتعتبرها سجنا وشرّا ونحسا تستعيذ بالله منها.
تطلب من الله تعالى أن يبني لها بيد الألوهية بيتا في الجنة يعوضها به عن قصرها ، وأن ينجيها من شرّ الطاغية (فرعون) وهي ألصق الناس به! ومن عمله ، وهي تعيش تحت رحمته! ومن آله وأتباعه : (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)!