ثم إنها خيانة تدخل صاحبها النار ، فليست إذا نشوزا في الأمور البيتية العادية فحسب ، وإنما التي تحقق جزاء النار من الكفر ومخلفاته ، ومنها ثالث ثلاثة : (وَأَهْلِيكُمْ ناراً) فلم ترضيا إلا التخلف عن الوقاية ، ومنها كشف السرّ ، وكما يروى في امرأة لوط (أنها كانت تخرج فتصفّر ، فإذا سمعوا الصفير جاءوا) (١) يعني قومه ، كما وان امرأة نوح كانت تسخر منه مع الساخرين ، وتقول إنه لمجنون مع القائلين.
ومن الاولى نستطيع أن نحمّلهما كل شيء إلا فاحشة الزنا ، وكما يروى عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (ما بغت امرأة نبي قط) (٢) ، فبهذا الثالوث المنحوس ، ولا سيما أقنوم الكفر ، استحقتا دخول النار رغم أن زوجيهما نبيّان :
(فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) : فلا تعني من الله إلا تقوى الله ، دون أواصر القربى مع أولياء الله ، فقد دخلتا النار (في البرزخ) وستدخلانها يوم القيامة ، مع الداخلين ، دون ميزة ولا كرامة ، إنما مهانتين كسائر المهانين إليها ، والقائل مجهول «وقيل» إشارة إلى أن القيل لهما كسائر القيل لسائر الداخلين ، بل إن مهانتهما أكثر ممن سواهما لأنهما هتكتا ساحة النبوة ولوّثتا جوّها بإطالة ألسنة الناس على العبدين الصالحين (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٣ : ٣٠).
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٣٧٦ في علل الشرائع عن أبي عبد الله (ع) قيل له : كيف كان يعلم قوم لوط انه قد جاء لوطا رجال؟ قال : كانت امرأته ...
(٢) الدر المنثور ـ أخرجه ابن عساكر عن اشرس الخراساني يرفعه إلى النبي (ص) ...