مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) :
ختام فيه تأنيب رعيب على زوجتي النبي المتظاهرتين عليه (١) ، وعلى كل من له صلة النسب أو السبب ، أم أية صلة من الصلات بأولياء الله ، أنها لا تنفعهم ما لم يكونوا متقين.
فامرأة نوح وامرأة لوط مثل للكفار ، و (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) يعنى بها التحتية في المنزلة ، لقيامه عليها ، وغلبته على أمرها الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وكما يقال : فلان الجندي تحت يدي فلان الأمير ، إذا كان من شحنة عمله ، أو متصرفا على أمره ، ثم المرأة ـ إضافة إلى ذلك ـ تحت الرجل بحكم الله في كل ما تتطلبه الزوجية ، ومنها عمل الجنس واتباع أوامر الزوج لصالحها وصالح العائلة وصالح الأمة ، وهذه التحتية التكوينية والتشريعية تقتضي تلون المرأة يلوّن صلاح الزوج كما في نوح ولوط ، ولكنهما خانتاهما ، رغم كونهما عبدين صالحين ، وفي ذكر الوصفين بدل الاكتفاء باشارة الضمير تعظيم لمقام العبودية الصالحة ، وأن صلاح الزوج لا ينفع الزوجة ، ما لم تصلح هي نفسها.
(فَخانَتاهُما) ترى ما هي الخيانة التي ارتكبتاها فارتكبتا فيها هنا وفي الآخرة؟ إن الخيانة خلاف الأمانة ، والقدر المفهوم هنا منها الخيانة في أمانات الزوجية ، وقد أوحت إلى مثلث منها (تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) وهي وجوب كونهما تحت زوجيهما في متطلبات الزوجية دون نشوز عنها ، حافظتين لأماناتها وأسرارها ومصالحها ، وأن تتصبغا بصلاح العبودية ، ائتمارا بأمر الوقاية للأهلين (.. وَأَهْلِيكُمْ ناراً).
__________________
(١) تفسير البرهان ـ شرف الدين النجفي قال روي عن أبي عبد الله (ع) في الآية : مثل ضربه الله سبحانه لعائشة وحفصة ان تظاهرة على رسول الله (ص) وأفشتا سره.