فهنالك يلهم المؤمن ذلك الدعاء ، حين يلجم غيره عن كل دعوة ودعاء ، وذلك الإلهام علامة الاستجابة ، وإلا فلما ذا السماح به؟ وأنه من إكرامه ، كما أن في رده خزيه ، فالغفر عن نقصان الإيمان وما يتطلبه الإيمان ، إنه تتميم لمثلث النور بين يديه وعن يمينه ، مهما كان نور الهداية تاما لا يحتاج إلى الإتمام.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ):
فإن المنافق والكافر نار حيثما دار ، وإخماد النار واجب المؤمنين الأحرار ، ولكي تبقى الحياة سليمة أمينة.
إن جهاد المنافقين والكفار ـ وهو بذل الجهد في إصلاح الأمر ـ هو من مخلفات الوقاية للأنفس والأهلين ، فالواجب على المؤمنين حماية المحضن الذي تتم فيه الوقاية من النار ، فلا تترك العناصر المفسدة تهاجم المسلمين من خارج كما الكفار ، ولا من داخل كما المنافقون ، مهما اختلف الجهاد الحربي بينهما ، دفاعا في المنافقين ، وحربا في الكفار ، فالكافر يحمل إما على الإسلام الإقرار ، أو الجزية أو الحرب ، فإلى دار البوار ، والمنافق يحمل على الإيمان أو دفع الشر ، فان حارب حورب ، دون جزية ولا حرب بدائية بغية الإقرار ، وفيما إذا طلب أمر الإصلاح للجماعة المسلمة الغلظ عليهما (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) بما يدفع شرهم ويخمد نارهم. وقد يكون الغلظ على المنافق أشد منه على الكافر ، لأنه عدوّ من داخل ، فخطورته أكثر ، وكما أن عذابه أحيانا أشد وأوفر : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) ـ (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
وأخيرا مثال واقعي للمؤمنين يطمئنهم في الإيمان ، وللكافرين يخيّب آمالهم :
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ